بقلم الكاتب الصحفي / حمدي رزق
« آن لنا نحن اليهود أن نعود للشتات»، كتبها الكاتب الإسرائيلى «مايكل بريزون» فى مقاله بصحيفة هاآرتس، فتصابح الخلان فى الفضاء الإلكترونى، نبوءة إسرائيلية..
ونشرت صحيفة «هاآرتس» مقالا كتبه الدبلوماسى والكاتب الإسرائيلى «ألون بينكاس»، بعنوان «7 أكتوبر 2023: تاريخ سيبقى عارًا على إسرائيل».. فاغتبط الطيبون.
ومقال للكاتب الإسرائيلى «جدعون ليفى» فى «هاآرتس» يتحدث عن تهاوى الغطرسة الإسرائيلية، يشيرونه تشييرا كثيرا.
كلما دبج كاتب إسرائيلى مقالا ينتحب فيه على مصير الدولة العبرية، ويخشى زوالها، باركه الطيبون وشيروه فى الفضاء الإلكترونى، وكلما تحدث أحد المعلقين عن تهاوى أسطورة جيش الدفاع، تصايحوا الله أكبر فوق كيد المعتدى، وكلما هاجم كاتب إسرائيلى حكومة نتنياهو، وطلب رحيلها، تهلل الطيبون ساخرين من المتغطرس، حانت نهايته.
المقالات الإسرائيلية تكتب على أرضية إسرائيلية، ومن منطلقات إسرائيلية، ومقاصدها إسرائيلية بحتة، ولا يدر بخلد كاتبيها البتة المتلقى الفلسطينى أو العربى أو يحفل كاتب منهم بوقع مقالاته علينا قطعيا.
يكتبون ناقدين لحكومتهم وجيشهم ودولتهم، لا يحفلون بنا بالمطلق، ولا يحسبون حسابنا بالمرة، هم بالأساس لا يروننا، يرون أنفسهم وحكومتهم ودولتهم وجيشهم، يخشون على مستقبل دولتهم، وأولادهم وأحفادهم وذريتهم.
لا يحفلون البتة بأطفال غزة والضفة مقبورين تحت الأنقاض، لا تبدر منهم ذرة تعاطف، جميعا بلا استثناء أقسموا ليصرمون غزة مصبحين ولا يستثنون طفلا ولا شيخا ولا امرأة، يتمنون زوالها، وطمر الوجود الفلسطينى تحت ركام مخلفات الصواريخ الأمريكية
من يكتب فى إسرائيل عن تهاوى القبة الحديدية، يتمناها قبة فولاذية، ومن يكتب عن هزيمة جيش الدفاع، يستنهضه من رقاده ليدك غزة، ومن يطالب برحيل نتنياهو، يطلب حكومة حرب تبيد غزة لا يبقى فيها من الفلسطينيين ديارا.
ومن ينتصر لحل الدولتين ليس لسواد عيون الفلسطينيين ولا حق لهم، لكن حماية للدولة العبرية من الاختراقات الحدودية، ومن يتعجب من قدرات المقاومة على الاختراق والهجوم والمفاجأة والمباغتة، يلطم خديه على المليارات من الشيكلات التى أنفقت على الحائط التكنولوجى الفاصل بين غزة وغلافها المحتل.
لا تصدقوا طروحات هؤلاء، هم جند من جنود جيش الدفاع، ومقالاتهم وظهوراتهم تصب فى قناة الموساد، وأبصارهم معلقة على قيامة وزير الدفاع الإسرائيلى «يوآف جالانت»، يستنهضونه من غفوته، ليحكم حصار غزة، ويطلبون حكومة حرب تقبر المقاومين وأهليهم فى حفر من نار.
تسمع عجبا، وتقرأ مذهولا تعليقات المدونين العرب، والمدونون يتبعهم الغاوون، هذا المقال مهم، هذا الحوار أخطر، وهذا الفيديو جد خطير، الدولة العبرية إلى زوال، لقد شهد شاهد من أهلها، انظر هذه نبوءة زوال دولة إسرائيل تتحدث بها ألسنة عبرية، وهكذا تعيش الوهم فى قصائد الشعراء، والفضل ما شهدت به الأعداء.
لا تستنيموا لمقالات الأعداء، خدر يسرى فى الأعصاب فنبيت مخمورين بالنصر، هم يمارسون النقد الذاتى لمؤسساتهم، ويجلدون حكومتهم، ليس لغطرستها وعدوانها وقتلها الأبرياء بقصف الطيران، لكن يطلبونها أكثر عدوانية، يطلبون قبر أطفال غزة، وحصارها برا وبحرا وجوا، يطلبون عقاب المقاومة على جرأتها..
القراءة الرشيدة ضرورة حتى لا يخدعنا الأعداء، لا يُلدَغُ المؤمنُ من جُحْرٍ «جدعون ليفى» مرتين