بقلم الكاتب الصحفي / حمدي رزق
يُحتفى طبيًّا باليوم العالمى لالتهاب الكبد يوم ٢٨ يوليو من كل عام، فيروسات التهاب الكبد خمسة A B C D E، أخطرها مصريًّا فيروس (C).
في يوم الاحتفال يستوجب الأمر الاحتفاء بإعلان مصر دولة خالية من فيروس (C) من قِبَل منظمة الصحة العالمية.
إزاء معجزة طبية بالمقاييس العالمية، تخيل حجم المنجز الطبى، ٨٠ مليون مواطن خضعوا للكشف، و٤ ملايين تلقوا فعليًّا العلاج، ونسبة الشفاء تجاوزت ٩٨٪.
أرقام تعجز عن تخيلها، من حق مصر أن تحتفل بمنجزها الطبى، إنجاز اسْتِثْنائىّ بكل المقاييس الطبية.
لا يعرف هذا الفيروس المخيف إلا مَن يكابده، ولا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذوو فضل، وشهادة لوجه الله، مرضى فيروس (C) ما حلموا بالشفاء الذي كان بعيدًا بعيدًا، وأقرب منه الموت، إلا بعد التفاتة الرئيس السيسى إلى كارثة تفشى هذا الفيروس الذي صار كالوباء.
كارثة صحية غفلت عنها الحكومات المتتابعة، وغضت الطرف عن قاتل صامت، أقرب إلى جائحة اجتاحت البلاد من أقصاها إلى أقصاها.
كان التحدى رهيبًا، وكان القرار الرئاسى مصيبًا، تقرر علاج كل مصابى فيروس (C) مجانًا، والكشف عن الفيروس احتمالًا.
قرار أقرب إلى الخيال، الولايات المتحدة بجلالة قدرها تعالج ومنذ سنوات فقط ربع مليون مصاب، أوروبا جميعها تجتهد لعلاج ٢٠٠ ألف مصاب، وبكلفة رهيبة يعجز عنها التأمين الصحى في بريطانيا العظمى.
علاجات فيروس (C) خارج منظومة التأمين الصحى في عديد من دول أوروبا والدول المتقدمة.. وعندنا والحمد لله بالمجان!.
القرار الرئاسى تجسد على الأرض تحديًا صعبًا، ونفرت مدرسة الكبد المصرية، وشمرت عن سواعدها، وبرزت تتحدى هذا الغول الرهيب، مدعومة بإرادة سياسية تبغى توفير العلاج لكل مصاب مهما كانت التكلفة، وصار الفيروس على قائمة الأولويات الرئاسية.
المعجزة الطبية التي حدثت جديرة بالتوقف والتبين، التوقف أمام الرقم المصرى المذهل من المتعافين، الذي يفوق في حجمه وأعداده وبالأرقام كل الأعداد التي تم علاجها على مستوى العالم أجمع.
المعجزة المصرية تتحدث عنها المراجع الطبية العالمية، وتفخر بها المنظمات الدولية، وتتصدر أغلفة المجلات الطبية العالمية، وتحتفى بها منظمة الصحة العالمية (راجع تقرير مجلة «فوربس» الأمريكية الأخير).
التوقف أمام قدرة الدولة المصرية في تجليها.. مصر تمرض، لا تموت، نعم استطاعت الدولة الممتحنة اقتصاديًّا توفير أحدث العلاجات العالمية بأرخص الأسعار بآلية تفاوضية احترافية، واجتذبت الشركات العالمية والوطنية لإنجاز صناعة دوائية وطنية، ١٧ مصنعًا تعمل في تصنيع المثائل المصرية، وبمواصفات عالمية.
يستدعى الأمر التوقف أمام المنظومة العلمية التي نظمتها «اللجنة القومية للفيروسات الكبدية»، التي أبدعت في ابتكار بروتوكولات العلاج، التي تناسب «الجين الرابع»، الذي ينهش أكباد المصريين، وكيف واكبت المستحدثات الطبية والعلاجية عالميًّا، وجلبتها إلى القاهرة لتمصيرها وتحضيرها.
التوقف أمام الجهد الطوعى الرائع لمنظمات المجتمع المدنى، ما يسمى «التشبيك المجتمعى» في مواجهة فيروس يضرب في الكبد، المظلة الاجتماعية التطوعية في الأقاليم شكلت حالة إبداعية استثنائية. المراكز فتحت لعلاج الغلابة مجانًا، والتبرعات انهالت على المراكز، والمتطوعون في القرى والأرياف نفروا لإنقاذ أهليهم من الفيروس اللعين.
التوقف أمام شعب يصورونه على أنه فاقد الهمة، إذ فجأة ينهض من سُباته، ويودع إحباطه، ويخوض معركة قاسية في مواجهة فيروس رهيب، شعب تبرع لعلاج الفيروس كما لم يتبرع من قبل، شعب قرر القضاء على الفيروس وإنقاذ شبابه وشيوخه بعمل تطوعى شعبى بوعى حضارى، شعب يضرب دومًا نموذجًا في الإيثار.