مقالات صحفية

رحيل شيخ مشايخ الطرق الناصرية

الكاتب الصحفي / حمدي رزق - موقع شعب مصر بقلم الكاتب الصحفي / حمدي رزق

رحم الله العم «سامى شرف»، سأفتقد تليفونه الصباحى، يلفتنى دوما إلى ما فاتنى من أخبار، ومقالات، ومنشورات، سيما لو كانت تمس سيرة خالد الذكر الزعيم «جمال عبدالناصر» سلبا أو إيجاباً .

دوما كان فى حوزته رواية أخرى، وحكاية أخرى، ووجهة نظر منحازة سلفا لذكرى الزعيم ولا يقبل على سيرته وشخصه الهواء الطاير.وفاة سامي شرف «خازن أسرار» الحقبة الناصرية في مصر | الشرق الأوسط

وصفته ذات مرة بـ«حامل الأسرار المؤتمن على تراث الزعيم»، وعادة ما كنت أمازحه بلقب «شيخ مشايخ الطرق الناصرية»، كان يسر كثيرا، ويضحك من قلبه، أذكره بالغالى عليه وعلينا، ثم تدمع عيناه حزنا على «أبوخالد» رحمه الله، عاش جل حياته فى رحاب الزعيم، ولا يغادر سيرته حتى فى سرير مرضه الذى دام طويلا، وتحمله بنفس راضية.

اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، وارْحمْهُ، وعافِهِ، واعْفُ عنْه، وَأَكرِمْ نزُلَهُ، كما كان يكرمنى بمحبة والد طيب، وعم جميل الحديث، ناصحا بالأجمل، والأصوب، كان الله يرحمه من الحكائين العظام، وتخصص فى الحكى عن مآثر الزعيم، ويحتفظ فى ذاكرته الحية بأدق الأسرار، ويمتلك مكتبة مهمة جمع فيها تقريبا كل الإصدارات بكل اللغات عن ناصر وثورته.

اللهم إنا نشهد له بحسن أدبه وأخلاقه حتى مع ألد أعدائه، كان خفيض الصوت، يجادلهم بالحسنى والمعلومة الدقيقة، باليوم بالساعة بالثانية، مع ذاكرة حديدية، لا تغفل واردة ولا شاردة، والسياق، والظرف، ومزاج الزعيم ساعتها.

مسجل بارع لدقائق الحياة الخاصة، والعامة، والعلاقات الشخصية والسياسية والاجتماعية التى أحاطت بحياة ناصر، حتى علاقته بنجوم الفن.. وحكاية «لقاء السحاب» بين أم كلثوم وعبدالوهاب، وقصة ولادة أجمل ما غنت كوكب الشرق «إنت عمرى».

ومفتتح الكلام عنده وقبل السلام، وكلمة السر «عبدالناصر»، ساعتها يفتح صندوق الأسرار، وينداح حكيا، فقط كان يضيق ذرعا بمن يكتب بجهالة عن ناصر، أو يذكره بسوء، ويسيئه هجمة الإخوان ومن لف لفهم على منجز الزعيم، ولا يطيق ذكرهم، سكنت فى قلبه كراهيتهم يوم محاولة اغتيال الحلم «ناصر» فى المنشية.

في ذكرى رحيل عبد الناصر.. سامي شرف يروي قصة تفوق السد العالي على "الإمباير  ستيت" بأمريكا | صوت الأمة

اكتفى فى عقده الأخير بعد أن أنجز مذكراته، بدور المصحح التاريخى فيما يخص المرحلة الناصرية، ما كانت صحته تحتمل اللقاءات التليفزيونية، ومرارا حاولت إجراء حوار ولو قصير، كان يعتذر بأدب لظروفه الصحية، مكتفيا بتصحيح واقعة تاريخية، ويبادر الكتاب والصحفيين بتليفون يصحح ما انحرف منهم أو انجرف وراء قصة منسوبة للزعيم أو لفترة حكمه لمصر.

عادة ما كان يتصل باكرا ليتحصل على هاتف زميل كتب سطورا تخالف ما يتذكره جيدا من مآثر ناصر، تليفونه الصباحى كان علامة مسجلة، حتى الدكتور العظيم «مفيد شهاب» أطال الله عمره حدثنى فى جنازته عن هذا الاتصال الصباحى الذى كان يتلقاه من العم سامى صباحًا.. رحمة الله عليه.

يمكن وصفه بـ«حارس المعبد الناصرى» ونذر جُل عمره فى حراسة تراث الزعيم، مؤتمنًا عليه، حافظًا لأسراره، مادًا الصلة الروحية مع أسرته التى حضرت الجنازة التى خرجت من جامع «أبوالمكارم الزغل»، وكان لافتا تقدم نجل الزعيم «عبدالحكيم عبدالناصر» لحمل الجثمان فى نعشه مودعًا من عاش مخلصًا لسيرة خالد الذكر.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى