مقالات صحفية

فقه المقاصد الوطنية ..

بقلم الكاتب الصحفي / حمدي رزق

الكاتب الصحفي / حمدي رزق - موقع شعب مصر
الكاتب الصحفي / حمدي رزق

واللبيب من الإشارة يفهم، والمؤسسة الدينية لا تعدم لبيبًا فهم إشارة الرئيس فى افتتاح مدينة «المنصورة الجديدة» على وجهها الصحيح.. مؤداها مستوجب نفرة المؤسسة العريقة وشيوخها الأجلاء للتصدى للشائع والذائع من مرويات تحض على التكاثر والتناسل دون تبين فقه المقاصد الشرعية، وبعضها (على صحتها على وقتها ومكانها) اكتسبت قداسة وصارت سُنة متبعة، وتصادم المقاصد الشرعية فى تجليها «درء المفاسد مقدم على جلب المصالح»، وحكمتها «حيثما تكون المصلحة، فثم شرع الله».

فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد محمد أحمد الطيب –  موقع شعب مصر
فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد محمد أحمد الطيب

لو توفرت المؤسسة الدينية على معالجة شرعية (شعبية) لقضية الزيادة السكانية المرعبة التى تدهمنا بمعدل (ربع مليون نسمة كل خمسين يومًا).. يقينًا لتغير وجه الحياة.. الزيادة السكانية تلتهم معدلات النمو بضراوة!.

فقهاء المؤسسة الدينية مدعوون دينيًا ووطنيًا لنزع فتيل قنبلة موقوتة ستنفجر فى وجوهنا جميعا، ونحن عنها غافلون!!.

فى سياق الدفاع عن المؤسسة، سيقول قائل باسمها : المؤسسة قالت قولتها وزيادة فى الزيادة السكانية.. وسيسرد عليك ثبتًا من فتاوى وأقوال سبقت.. خلاصته : المؤسسة لم تتأخر ولم تتول يوم الزحف.

تجديد الفقه مثل تجديد الوضوء، وما صدر عن المؤسسة يستوجب تجديده، وبعض المعممين يرددون حديث «التكاثر» مباهاة بالكثرة، والعامة يستبطنونه فى مواجهة دعوات تنظيم النسل!.

فى باب جلب المصالح ودرء المفاسد، ويعتبر من قواعد الفقه الإسلامى المندرجة تحت القاعدة الأم «لا ضرر ولا ضرار» والتى تكشف من خلال تطبيقاتها وما يندرج تحتها عن مقصد من مقاصد الشريعة الإسلامية، وهو منع الفعل الضار فى جميع صوره قبل وقوعه احترازًا، ومعالجة أثره بعد وقوعه.. هلا طبقنا هذه القاعدة الفقهية على قضية الزيادة السكانية، هل تقر المؤسسة صراحة تطبيقات الحد من الإنجاب فى سياق منع الفعل الضار فى جميع صوره قبل وقوعه احترازًا؟!.

أخشى ستلتف على الحد من الإنجاب بمصطلحات ترشيد أو تنظيم؛ هروبًا من نزع فتيل القنبلة السكانية، هروبًا للأمام.

لو صدحت المؤسسة الدينية بالقول وواجهت بشجاعة ما نسميه «الانتحار الجماعى» بالتوالد كالأرانب، وقالت هذا حرام قطعيا، ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة، وأعطت ولاة الأمور رخصة مواجهة القنبلة السكانية بالحد من الإنجاب وتحديد عدد المواليد، كما فعلت دول سبقتنا بسنوات ضوئية.. لما تضاعف عدد السكان بشكل يهددنا بالجوع مستقبلا.

التلهى عن القنبلة الموقوتة بحديث الحجاب والنقاب والإسدال يحرف البوصلة المجتمعية عن إدراك فقه المقاصد العليا، يحرفنا عن مقصد من مقاصد الشريعة الإسلامية وهو منع الفعل الضار فى جميع صوره قبل وقوعه احترازًا. ووفق فقه المقاصد، أطالب هيئة كبار علماء المؤسسة الأزهرية العريقة بأن تخرج على الناس فى بيان بعد مؤتمرٍ يقطع بالقول فى هذه القضية المصيرية، وتبين مقصد المصطفى صلى الله عليه وسلم فى حديثه «تناكحوا تناسلوا فإنى مباهٍ بكم الأمم يوم القيامة».. علمًا بأن «دار الإفتاء» مشكورة ومأجورة ذهبت إلى فقه المقاصد مباشرة وقالت: «وأما مباهاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمته، فلا تكون من خلال كثرة أعدادهم من ناحية الكم والعدد، وإنما تكون بما قدموا للبشرية من علم وحضارة وإنجاز.. أما من ناحية الكم والعدد فقط فقد ذمّه النبى، صلى الله عليه وسلم، فى حديث آخر حيث قال: (غثاء كغثاء السيل) أى العدد الكثير الذى لا وزن له».. عليه أفضل الصلاة والسلام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى