في مقال كاتبنا اليوم يتحدث عن فيلم الملحد و الموافقة الرقابية علي عرضه من قبل القضاء المصري الشامخ فكتب من خلال المصري اليوم :
استثناء من قاعدة القاضي لا يمدح ولا يذم، قضاة الدائرة الثالثة بمحكمة القضاء الإداري بأريحية فكرية، وانفتاح على حرية التعبير، قضوا بعرض فيلم “الملحد” ورفضوا دعاوي حظره، ما يستوجب التحية مقرونة بالإشادة الواجبة.
حكم الدائرة الثالثة يدخل في باب الأحكام عالية المقام التي تحفل بها سيرة القضاء المصري العظيم الذي أنصف غير مرة المبدعين، وحمي حرية الأبداع من غائلة المتربصين، وحفظ للعقول حقها في التمييز بين الخير من الإبداع والخبيث دون إنغلاق بسد مسام حرية التعبير.
المحكمة برفضها دعاوي حظر عرض الفيلم علي العامة انتصرت لحق المجتمع في أن يعمل العقل الجمعي فيما يراه ويسمعه ويطالعه، احترمت العقل فاستحقت التحية من القلب.
المحكمة بحكمها الرصين ردت الكرة في ملعب وزارة الثقافة وأجهزتها الرقابية، وحررتها من ربقة حكم قضائي كانت تنتظره ، وساعتها سترتكن إليه بالمنع والحظر اتكاء علي دعاوي قضائية تربصت بالفيلم.
من الذي منع الفيلم من العرض، وهل سيظل ممنوعا، ولماذا، المعلوم بالضرورة، أن حكم القضاء الإداري تأسس على ما قدمته وزارة الثقافة والمجلس الأعلى للثقافة من مستندات رسمية تثبت صدور ترخيص عرض الفيلم من الرقابة على المصنفات تحت رقم ١٢١ لسنة ٢٠٢٣، وهو ما يؤكد وجود قرار إداري إيجابي يسمح بالعرض.
ومع انتفاء صفة المدعين بالحظر، يصبح القرار الإداري بعرض الفيلم نافذا بعرض الفيلم.
هل يعرض الفيلم وفق حكم الدائرة الثالثة أم سيظل الحظر الشفاهي مطبقا في انتظار دعاوي جديدة ترتكن إليها الوزارة في استدامة حظر عرض الفيلم، ونظل ندور في فلك دائرة ليس لها نهاية.
المحكمة أسقطت حكمها في أيدي وزارة الثقافة، ويقيني أن وزير الثقافة الدكتور ” أحمد هنو ” عميد كلية الفنون الجميلة، سينتهج منهج جميلا ، ويأمر بعرض الفيلم ليس تجملا ولكن إيمانا منه بحرية التعبير، ووفق قاعدة رئاسية تقول بالرأي والرأي الآخر دون مصادرة على فكرة، والفكرة تواجه بالفكرة، والرأي بالرأي، والكلمة بالكلمة، والفيلم بالفيلم، وهكذا دواليك نمد الخط عن آخره.
زمن الوصاية علي العقل الجمعي، من مخلفات الماضي القريب، ومعركة الوعي نكسبها بوعي الشارع وليس بالوصاية علي عقله وفيلم الملحد يقاوم فكرة الإلحاد، حشا وكلا أن يروج لإلحاد والعياذ بالله، ودليلي أن الرقابة الرشيدة على المصنفات الفنية أجازت عرضه بعد تمحيص كل كلمة في الحوار، وراجعت السيناريو، وتفحصت كل لقطة تربصا بالخروج عن الخط الفاصل الدقيق، الفاصل بين الترويج للإلحاد، ودحض فكرة الإلحاد من خلال حوار عقلاني وليس بالتهديد والوعيد والتكفير والتفسيق.
الملحدون الجدد في أمس الحاجة إلى حاضنة إيمانية عقلانية، تخاطب عقولهم المنفتحة علي موجة الإلحاد العالمية التي تغرقهم في ضلالات وهلاوس عقلية، تتحدث إليهم بلغة يفهمونها، ومنطوق مهضوم، ليسوا مرضي، ولا يهزون، بل عقلاء يفكرون.
حكي الفتنة، وأنهم يفتنون الشباب في دينهم قول لا يستقيم علي قدمين في مجتمع تعصف به الثورة الرقمية، العالم أصبح غرفة شات علي شاشة محمول في اليد، فيلم الملحد مهما كانت مناقشاته العقلية لن يفسد إيمان أحدهم، ولن يشكك أحدهم في ثوابته الإيمانية، ولكنه قد يصوب فكرة صالة تسلطت علي عقل شاب ضل السبيل.