فى بلد التاريخ، الإنصاف يأتى ويعلو مهما واجه من مقاومة، ربما يتأخر، لكنه آتٍ لا محالة، وبنظرة على ما دوّنته سجلاته، تجدها منصفة لمعظم من حكموا مصر، وكان آخرهم – وفق ما يلتصق بالذاكرة البشرية حديثا – الرئيس محمد أنور السادات، الذى تعرض لأبشع حملات التخوين والتشويه، وكأنه يُعاقب على انتصار جيش بلاده على الجيش الإسرائيلى، وعلى مد يديه بالسلام العادل، واستعادة كل أراضيه، والأراضى العربية التى احتلت فى ١٩٦٧.
لكن التاريخ المعاصر قرر أن يغير من أدبياته فى التأريخ، بإنصاف الرئيس عبد الفتّاح السيسى، وهو فى موقع المسؤولية، بمواقفه الثابتة، وقراراته المبهرة على كل الأصعدة، داخليا وخارجيا، فقراراته التى لاقت تشكيكا من جماعات وتنظيمات، ودهشة بعض البسطاء، أثبتت الأيام نجاعتها، وأذهلت الخصوم والأعداء قبل الأصدقاء، وأصابتهم بدهشة مفرطة .
فكأن الرئيس السيسى عندما كان يتخذ مثل هذه القرارات الكبيرة، كانت أمامه «مرآة سحرية» تستشرف المستقبل وتتوقع ما سيحدث، فيتخذ القرارات المبكرة لمواجهة هذه الأحداث. البداية عندما تولى مسؤولية وزارة الدفاع، عكف على تأهيل الجيش المصرى، وتنمية قدراته بعيدا عن الصخب الدائر حينها عقب تنازع جماعات وتنظيمات على السلطة .
وعندما وصل إلى سدة الحكم بناء على استدعاء شعبى لا مثيل له فى التاريخ، من حيث الإجماع، قرر أن يواجه كل المشاكل المؤجلة لعقود طويلة، بإرادة سياسية حديدية، لم يتوقعها أكثر خصومه عداوة. الرئيس عبد الفتّاح السيسى، رفض رفضا قاطعا كل النصائح بضرورة استمرار استخدام المسكنات لعلاج المشاكل الصحية المزمنة للاقتصاد المصرى، وقرر التدخل للعلاج بمشرط جراح ماهر، بإدراك ووعى فاق كل منسوب وعى النخب والمتخصصين، وتلقى انتقادات وتشكيكا من هؤلاء، وممن خلفهم التنظيمات، والذين راهنوا – بكل قوة – على فشل مثل هذه القرارات المحورية، دون إدراك حقيقى أن الرئيس السيسى، مشروعه الحقيقى «فرمتة» البلاد، فى كل القطاعات والمجالات. قرارات الرئيس القوية، فى الإصلاح الشامل لكل القطاعات، جاءت فى أوقات صعبة :
بدءا من اجتياح وباء كورونا الذى تسبب فى كوارث اقتصادية كبرى .
ثم الحرب «الروسية – الإوكرانية»، وتأثيراتها السلبية الخطيرة .
ثم الوضع المتفجر على كل المحاور الاستراتيجية، وعلى رأسها الحرب البربرية الإسرائيلية على غزة. هذه الحرب كانت الامتحان الأصعب، ليس لمصر فحسب، ولكن على كل الجغرافيا العربية من المحيط للخليج .
وبمجرد العودة بالذاكرة للوراء تتكشف أن الرئيس السيسى، كان مستعدا لها فى أغسطس ٢٠١٢ عندما قرر تأهيل الجيش، ثم عند توليه مسؤولية حكم مصر، أعاد خريطة تسليح الجيش المصرى، وكانت الأسئلة حينها :
من الذين نصّبوا أنفسهم نخبا وخبراء استراتيجيين ؟ .
لماذا يتسلح الجيش بكل هذه الأسلحة المتطورة؟ كما تبنت أبواق التنظيمات والجماعات المعادية، حملات التشكيك والتسخيف من تسليح الجيش، ثم كانت إدارته بجانب المؤسسات المعنية لملف السياسة الخارجية، يتسم بالنضج والحكمة والفطنة والهدوء والبعد عن الشعارات والحنجورية. فعلى سبيل المثال، التاريخ يقف شاهدا ومحللا باعجاب، كيف وقف الرئيس بقوة فى بداية الحرب البربرية على غزة، ضد الحنجوريين فى الداخل والخارج، الذين أقاموا الدنيا ولم يقعدوها للمطالبة بفتح المعبر لدخول أهل غزة، مؤكدا أنه لو فعل ذلك لماتت القضية واندثرت فلسطين من فوق الخريطة الجغرافية،
و مرت الأيام وأثبتت أن قرار الرئيس هو الوحيد الذى كان صحيحا «مليون المئة». الرئيس السيسى، تحمل – نتيجة موقفه القوى الرافض للتهجير – ما تنوء عن حمله الجبال، من ضغوط وابتزاز وتقديم إغراءات لا ترفض، وكانت «لا» هى الرد الوحيد القاطع، ومنها رفض زيارة الولايات المتحدة الأمريكية مرتين، ورفض لقاء الرئيس دونالد ترامب، مرتين. ثم كان القدر الذى يساند كل مخلص ومجتهد، أن من كنت ترفض أن تزوره بالأمس القريب، يأتى إليك ممتنا على الجهود المصرية لإنهاء الحرب البربرية، ومن المنتظر أن يصل الرئيس الأمريكى دونالد ترامب خلال ساعات، لمدينة «السلام» شرم الشيخ، ليشهد توقيع اتفاقية «السلام» وإنهاء الحرب البربرية ضد الإنسانية فى غزة. الأحداث الأخيرة، أثارت دهشة وإعجاب الشعب المصرى، وتذكروا كل ما اتخذه الرئيس من قرارات بإعجاب ودهشة، وتساءلوا، ماذا بينك وبين الله يا سيادة الرئيس، لينصفك التاريخ وأنت فى موقع المسؤولية، وعلى لسان كل الأعداء قبل الأصدقاء؟ الإجابة واضحة ومثيرة، وتجرى على الألسنة، فى الشارعين، المصرى والعربى، متأطرة بشعار «تحيا مصر».