تدوينات حرة : عندما تجتمع كل هذه النقاط من القوة، فماذا يتبقى لنكون قوة عظمى ؟
Azza Elazazy
عندما أتصفح الفيسبوك أو تويتر أقابل الكثير و الكثير من الموضوعات و التدوينات التي تأخذني و يأخذني سلاسة أسلوب كاتبها أو مدونها و تشعر و أنت تقرأ أنك نفسك تقول الكلام اللي بيقوله فقررت أن أخصص في موقعنا شعب مصر باباً للتدوينات الحرة لكل من يُحب أن يكتب في موضوع يُفيد المصريين أو يُنعش ذاكرتهم أو يُحيي ذكريات الماضي الجميلة أو يُعطيهم نصيحة مفيدة .الفيسبوك .
حين ننظر إلى الخريطة العربية، نجد أننا لسنا مجرد تجمع بشري أو جغرافي، بل نحن مكومات لنقاط القوة التي تندر أن تجتمع في أي منطقة أخرى من العالم. فمن مصر بقوتها السكانية وموقعها الاستراتيجي وقناة السويس، إلى السعودية بوزنها الديني والنفطي، إلى الجزائر والعراق بما يملكانه من ثروات طاقوية، مرورًا بالإمارات كمركز اقتصادي عالمي، ولبنان بما يمتلكه من قوة ناعمة في الإعلام والثقافة، وسوريا والعراق بحضاراتهما الضاربة في عمق التاريخ، ووصولًا إلى المغرب وموريتانيا بما لديهما من موارد طبيعية ومواقع استراتيجية، نجد أننا أمام لوحة متكاملة من عناصر النفوذ.
في المشرق العربي نملك البُعد الروحي والديني ممثلًا في فلسطين والقدس، وفي الخليج نتحكم في أهم مضائق الملاحة العالمية: هرمز وباب المندب، بينما يمتد شريان نهر النيل ليمنح مصر والسودان خصوبة وأملاً غذائيًا لأمة كاملة. وفي الشمال الأفريقي، نجد خزان الغاز الجزائري، وثروة النفط الليبية، وزراعة المغرب، وتجربة تونس الديمقراطية، وكلها تشكل أعمدة متينة لقوة اقتصادية وسياسية.
لكن السؤال الذي يفرض نفسه: إذا كانت كل هذه الثروات والقدرات بيدنا، فلماذا لا نكون نحن القوة العظمى التي تملك القرار في العالم؟
الإجابة ببساطة تكمن في كلمة واحدة: الوحدة. إن مواردنا متفرقة، وجهودنا متناثرة، وصوتنا في المحافل الدولية غالبًا ما يأتي متباينًا. نحن نملك الأرض والثروة والبشر والموقع، لكننا نفتقد الإرادة الجامعة التي توحّد هذه الطاقات في مشروع حضاري متكامل.
لقد علّمتنا دروس التاريخ أن الأمم العظمى لم تقم إلا على أساس من التكامل بين الاقتصاد والقوة العسكرية والعمق الثقافي. وإذا نظرنا في حالنا، فسنجد أن كل عنصر من هذه العناصر متوافر لدينا، لكن كل دولة تحتفظ به لنفسها فقط. ولو اجتمع هذا كله تحت مظلة واحدة، لوجدنا أنفسنا أمام قوة لا تقهر، قادرة على أن تفرض احترامها، وأن تحمي مصالحها، وأن تقدم نموذجًا جديدًا للعالم.
إننا أمة تملك الشباب الأكثر عددًا، والثروات الأعمق تنوعًا، والمواقع الأكثر حساسية، واللغة المشتركة، والدين الواحد، والتاريخ المتجذر. فما ينقصنا ليس الإمكانات، بل الرؤية والإرادة.
ويبقى السؤال: متى ندرك أن القوة ليست في الأجزاء، بل في الكل؟ ومتى نعي أن لحظة اجتماعنا لن تكون مجرد حدث سياسي، بل ميلادًا لقوة عظمى طال انتظارها؟