الأفعال أعلى صوتاً من الأقوال، وأن كل قيادات الفصائل الفلسطينية، وفى القلب منها حماس، المقيمون فى الخارج ويعيشون حياة مرفهة، واستطاعوا الحصول على الجنسيات المختلفة لهم ولأبنائهم، نسألهم: ماذا قدمتم لأبناء شعبكم فى غزة غير التحدث فى وسائل الإعلام والتنقل بين الفنادق فى العواصم المختلفة، ثم الهجوم على مصر واتهامها بالتقصير فى نجدتها؟ لماذا لا تعودوا لوطنكم وتناضلوا من داخله، وتذوقون مرارة الجوع والعطش اللذين تسببتم فيه نتيجة التهور البعيد عن الحسابات الدقيقة فى تنفيذ ما يسمى «طوفان الأقصى» ضد الإسرائيليين فى ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ ؟ لقد تسببتم بقراركم المنفرد ودون تنسيق مع أحد خاصة مصر فى إبادة القطاع، وقتل ما يقرب من 60 ألفا، وجعلتم من العدو وحشا كاسرا، يتلقى التعاطف والدعم الرسمى اللا محدود من أمريكا وأوروبا، لتنفيذ مخططاتهما الاستعمارية !
الحقيقة المؤلمة أنه، منذ تنفيذ العمل المسلح ضد الإسرائيليين فى ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ ، لم يكن الشعب الغزاوى فى الحسابات الدقيقة لحركة حماس، بدءا من تجهيزات وسائل الأمان والرعاية فى الأنفاق للمسلحين فقط، واعتبارها أولوية فى فقه الاهتمام، بينما كل الشعب الغزاوى الأعزل من السلاح له رب يحميه، وهو أمر لا يصدق، فسجلات التاريخ تشى بقصص ناصعة عن أن المجاهد الحقيقى من يُفدى شعبه، ويضحى بحياته من أجلهم، بينما حماس تفعل العكس !
المأساة تجلت فى أسوأ صورها عندما رأينا الحافلات التى تقل آلاف الأطنان من المساعدات، قادمة من مصر، خلال الساعات القليلة الماضية، وعندما دخلت القطاع، فوجئ الجميع بأشخاص يحاولون الإجهاز عليها، وجهات أخرى خربتها، فى انتهاك صارخ لآدمية الناس الذين ينهش الجوع أحشاءهم، ولا نعرف هل الذين استولوا على جزء كبير من المساعدات، من الفصائل المسلحة، أم لصوص لا يعنيهم سوى السيطرة على أكبر قدر لأنفسهم دون غيرهم؟
ولو كان المسلحون هم المتورطون فى السطو على بعض المساعدات، فإنه يمثل جريمة تضاف لعدد الجرائم التى ارتكبت ضد شعب غزة الأعزل المسكين، ويمثل قمة النرجسية وعشق الأنا، فلا يعقل أن المسلحين يعملون لأنفسهم، وأن تصريحات قيادات الحركة فى الخارج، تدور فى فلك أن المسلحين يتقدمون الصفوف فى الاهتمام والرعاية، أما باقى الشعب فعليه التضحية، وأن تعويض من استشهدوا سهل، فالنساء الفلسطينيات قادرات على الإنجاب بأعداد كبيرة تعوض من رحلوا، وهى تصريحات تستهين بأرواح الناس!
اللافت، أن قيادات حماس المقيمين فى الخارج، الذين لا يقدمون شيئا للقضية سوى تصريحات، يضعون أيضا على قمة أولوياتهم اتهام مصر بالتقصير، ورغم أن الدولة المصرية دفعت الغالى والنفيس دفاعا عن فلسطين، وخاضت أربعة حروب، ودعمت بالمال والمساندة السياسية، فإنها دائما ما تتلقى طعنات التقصير واتهامات الخذلان، ورغم نزقات هذه القيادات، تتجاوزها مصر، وتسمو فوق هذه الترهات، وتقدم كل الدعم، ويكفى أنها تدفع حاليا ثمانا باهظا لمواقفها القوية، وإعلانها اللاءات العشر، منذ السابع من أكتوبر ٢٠٢٣ ، من بينهم أربع لاءات قوية فى وجه الولايات المتحدة الأمريكية !
كلمة الرئيس عبدالفّتاح السيسى، أمس الاثنين، تؤكد من جديد دور مصر فى الدعم والمساندة، ولا يمكن لها أن تتخلى عن هذا الدور، وهى كلمة تاريخية فى توقيت صعب ومعقد، مطالبا أوروبا وأمريكا والدول العربية بأن يضطلعوا بأدوار قوية وحاسمة لإيقاف الحرب .
ولنتفق أنه دون إرادة قوية فاعلة لإيقاف الحرب فى غزة، لن تتوقف غطرسة حكومة نتانياهو !
مصر تبذل جهودا مضنية من أجل الفلسطينيين، وتدفع ثمنا باهظا لمواقفها الشريفة، دون انتظار مقابل، وتبقى سجلات التاريخ منصفة وتدون مواقف مصر بأحرف من نور وأنها دولة شريفة مخلصة، أقوالها فى الخفاء هى ذاتها فى العلن، وأنها وطن الأفعال والأقوال معا، وستظل عمود الخيمة لأمتها.