بقلم الكاتب الصحفي / حمدي رزق
فيض من غيط، قليل من كثير من مخططات الجماعة الإرهابية كشفت عنها عملية «بولاق الدكرور» .
لن تكون العملية الأخيرة. معلوم لا تموت الأفعى إذا قطع ذيلها، يمكن للذيل المقطوع أن يشتت الانتباه ويسمح للأفعى بالهرب، ومع مرور الوقت، يمكن للذيل المقطوع أن ينمو مرة أخرى ويستعيد نشاطه الإرهابى مجددا.هاجت زنابير قنوات الإخوان فى فضائها الإلكترونى فى حملة كراهية عاتية ضد وزارة الداخلية، وذراعها المعلوماتى (الأمن الوطنى).. سيناريو واحد تم توزيعه على (قنوات رابعة وإخوتها)، للتشكيك فى صدقية عملية «بولاق الدكرور»، فى محاولة يائسة بائسة لإجهاض واحدة من العمليات الجراحية الناجحة لاستئصال ورم الإخوان الخبيث .
تصفية خلية الذراع العسكرية الإخوانية «حسم» فى بولاق الدكرور تترجم يقظة جهاز المعلومات (الأمن الوطنى)، ورصده الخلايا الإخوانية الإرهابية (النائمة) التى استيقظتها الحالة السورية.عيون الأمن الوطنى اليقظة (رصدت) خلية بولاق الدكرور قبل أن تخرج من مكمنها، وأجهزت عليها بالكلية، ما أصاب قائد التنظيم الإرهابى «يحيى موسى» بلوثة عقلية، فطفق يعوى فى منفاه، ويتحسس رقبته الغليظة، وهو يرتعد خوفا خشية تسليمه تاليا للسلطات المصرية لتحاكمه على جرائمه الإرهابية.
عملية بولاق الدكرور ضربة موجعة أسكنت «حسم» قبرها مجددا، وكشفت الغطاء عن زيف دعوات الحوار التى تطلقها منابر ومنصات إخوانية تزعم مظلومية، وتطلب العفو والسماح، تطلق قنابل دخانية للتعمية على مخططاتها الإرهابية.على قدر ما تحمل عملية بولاق الدكرور من إجابات عن أسئلة طفحت على السطح بعد فيديو «حسم» الذى سبق العملية، وتجيب عن تكهنات بعودة التنظيم لإرهابه الذى شب عليه.
تحمل العملية الجراحية الناجحة إجابة مؤجلة عن سؤال لطالما حير المراقبين والمحللين فى فترات سبقت.لماذا استهدفت جماعة مرسى مبكرا وقبل (٢٥ يناير) وزارة الداخلية (تحديدا جهاز أمن الدولة)، الأمن الوطنى (حاليا)، بركام من سخام اتهاماتهم فى حملة كراهية، للأسف رسمت صورة زائفة للجهاز فى الشارع المصرى؟!.
ولماذا ألح الإخوان (بعد ٢٥ يناير) وقبل تنحى الرئيس مبارك (يرحمه الله) على تفكيك الجهاز الوطنى، ومطاردة ضباطه، ومحاولة تصفيتهم، والتهديد بمحاكمتهم فى محاكمات علنية لإرهابهم وكف أيديهم عن ملاحقة عناصر التنظيم؟!.ولماذا ألحّ خيرت الشاطر ومحمد البلتاجى وإخوانهم على هيكلة الجهاز، وطلب قوائم برجاله وعيونه لخزقها؟!ولماذا هتف نشطاء ميدان التحرير بهيكلة وزارة الداخلية وتفكيك جهاز الأمن الوطنى تحديدا بكل هذه الضراوة؟.وتاليًا مخطط اقتحام مقر الأمن الوطنى فى مدينة نصر، والاستيلاء على مخلفات ملفات الجهاز والتى تحوى النذر اليسير من جرائم الجماعات الإرهابية والنشطاء الممولين، نموذج ومثال عصابة (سوكة وأسماء).. و«أنا اسمى موجود فى الملفات يا سوكة»؟!.
نفس الإجابة عن سؤال: من وراء المنشورات التى شاعت فى الفضاء الإلكترونى إبان (٢٥ يناير)، وتحمل أسماء ضباط جهاز الأمن الوطنى وعناوينهم، وأرقام تليفوناتهم، وأسماء أولادهم ومدارسهم، وأقاربهم الأقربين، ليسهل تتبعهم وتهديدهم وأسرهم؟.
نفس الإجابة عن سؤال: لماذا اغتيل اللواء الشهيد «رؤوف خيرت» وكيل الجهاز، مسؤول النشاط المتطرف فى التسعينيات فى سيارته فى شارع الهرم؟.
وكذا اغتيال العقيد «محمد مبروك» ضابط الأمن الوطنى الشاهد الرئيسى فى قضية التخابر التى اتهم فيها قيادات التنظيم الإرهابى، من ضمنهم رئيس الإخوان محمد مرسى، وتخابرهم مع استخبارات عربية وتسريبه وثائق (سرى للغاية) خارج البلاد.
كثيرة هى الأسئلة، وكثيرة هى الإجابات التى كشفت عنها عملية بولاق الدكرور!.
مثلى مسكون بحكايات العفاريت منذ الطفولة، ولاتزال تصحبنى العفاريت سيما فى الأماكن المظلمة، رغم أننى لست ممن يخافون العفاريت، ويقينى أن ما عفريت إلا بنى آدم شقى حبتين.
سرحت فى ملكوت الله، تخيلت هناك من يكتبنى بالحرف، من يتلبسنى دون إرادة منى، من يقرأ ذاكرتى، ويتغذى على معجمى، ويمسك بحروفى، ويلعب بأوتارى، يكتبنى رغما عنى..
قادر ولا يقدر على القدرة إلا ربنا، هناك من هو قادر على إحياء حروف الموتى، يكتب المقفع، والمعرى، وأبونواس، ونجيب محفوظ، وهيكل.
يكتب كل هؤلاء بصنعة واحترافية، يكتبهم كأنهم لايزالون يكتبون الرواية ويقرضون الشعر، ويدبجون المقالات، يصعب التفرقة وبيان الفروق، نفس البصمة، البصمة الأدبية.
فزعت من اليوم التالى الذى ينتظر البشرية على قارعة الألفية الثانية، اليوم الذى تكتب الآلة كتابة البشر، بحروف وأفكار البشر، وقد تتفوق عليهم، تكتب ما لم يكتبوه وموقع بأسمائهم، تندثر الفروق، وتتلاشى المواهب، وتصب جميعا فى قالب الذكاء الاصطناعى.
فى مثل هذا عالم افتراضى (فرط ذكوى)، هل هناك لاتزال فرصة لتفرد نجيب محفوظ، أو لعمق هيكل، أو سلاسة إحسان عبدالقدوس، هل هناك مساحة لإبداع وتفرد وموهبة المازنى، هل هناك نجوم ستلمع فى سماء الإبداع مجددا.. حتى المسرح والسينما والغناء صار ذكيا آليا ليس بشريا!!.
أخاف على العلماء ومنهم، وخوفى على المبدعين أشد، العلماء أخشى يجنون جناية على المبدعين، عندما طوروا هذه الآلة العجيبة وكأنهم فتحوا صندوق باندورا (يحوى كل شرور البشرية).
جناية العلماء حضّروا العفريت، أخشى لن يقدروا على صرفه، وخوفى رعبى من تفوق الآلة الذكية على البشر الأذكياء، أن تهيمن على الدماغ البشرى، تسيطر عليه إبداعا بعد أن هيمنت عليه علميا وتكنولوجيا.
شات جى بى تى (المُحوّل التوليدى المُدرَّب مُسبقًا) أخشى سيقضى تماما على الإبداع البشرى، مقبرة الإبداع، يئد المواهب، شات جى بى تى يهيمن، يسيطر، سرعان ما يستحوذ، لا حدود لقدراته، أخشى تجاوز قدرات البشر المحدودة، مجموع الذكاء البشرى فى شات، خلاصة الذكاء البشرى فى محرك إلكترونى واحد، سيجرى تعميده لاحقا الموهبة الأعظم فى تاريخ البشرية.