مقالات صحفية

أضحية الملك محمد السادس

الكاتب الصحفي / حمدي رزق - موقع شعب مصربقلم الكاتب الصحفي  /  حمدي رزق

دعوة العاهل المغربى الملك «محمد السادس» مواطنيه إلى التخلّى عن إقامة شعيرة «أضحية العيد» هذا العام، رسالة بعلم الوصول للكافة، تتجاوز حدود المملكة الشقيقة، رسالة تنتهج «منطوق الاستطاعة» فى مفهومها الواسع، وفى ضيقة اقتصادية محتمة فليجتهد المجتهدون من الفقهاء فى توسيع منهج الاستطاعة من الخاص (الفرد) إلى العام (الدولة).

أخشى تسلقه ألسنة سلفية حداد، لا تفقه فقه الأولويات المجتمعية، ولا المعانى السامية لفقه المقاصد، تفكير الملك سليم ومنطقى وعقلانى، تقديرى لا يخالف المعلوم من الدين بالضرورة، عنوانه الترشيد الرشيد، يصدق فيه «فقه الأولويات»، أو «فقه الموازنات»، وهو مصطلح إسلامى حديث، يُعرَف بـ«فقه مراتب الأعمال»، حيث يفاضل بين الأعمال من حيث أيها أولى بالتقديم على غيرها.

عيد هذا العام، بسبب التراجع الكبير فى أعداد المواشى جراء جفاف حاد تشهده المملكة المغربية للعام السابع تواليًا، موجة جفاف ضربت الشقيقة للعام السابع على التوالى وتسببت فى تراجع أعداد المواشى بنسبة (٣٨٪)، مع تسجيل عجز فى الأمطار بـ(٥٣٪) مقارنة مع متوسط الثلاثين عامًا الأخيرة، بحسب تقديرات وزير الزراعة المغربى «أحمد البوارى» فى تصريحات منتصف فبراير الماضى.

أبوتريكة.. عاشق الكيان !!

وأهاب الملك بشعبه العزيز عدم القيام بشعيرة أضحية العيد لهذه السنة، المرتقب فى مطلع يونيو، جد ليس متخيلًا دولة تعانى مناخيًا ما عكس ضررًا اقتصاديًا فادحًا، تسمح

بأريحية بنزف الثروة الحيوانيّة، اتكأ على مكنة (الاستطاعة الشخصية) دون الالتفات إلى منطوق (الاستطاعة المجتمعية)، وهى من أبجديات «فقه الأولويات» كما يقول جمهور العلماء .

تطبيق مبدأ «فقه الأولويات» ضرورة مستوجبة على الأفراد فضلًا عن المؤسسات، وسد احتياجات المحتاجين أولى، نعم الأضحية مستوجبة على القادر، وثوابها عظيم وبركة وغفران، ولكن ثواب سد حاجات البسطاء أعظم عند الله، وهذا مجمع عليه من العلماء الثقات.

المراجع الدينية على اختلاف مذاهبها، تُجمع جميعًا على أن «سد احتياجات المحتاجين أولى ألف مرة ومرة، وأعظم أجرًا، وأعلى ثوابًا من تكرار الحج والعمرة»، فما بالك بالأضحية التى هى شعيرة ملازمة للحج، فالأول واجب عينى أو كفائى، والآخر نافلة، ولاشك أن الواجب عينيًّا كان أو كفائيًّا مقدم شرعًا وفقهًا وإنسانية على سائر النوافل والشعائر وقربات التطوع.. وفق قول جمهرة العلماء.

ضغط وترشيد نفقات الشعائر فضلًا عن شح الذبائح ضرورة مرحلية، والترشيد ليس توجيهًا فوقيًا (ملكيًا) يمكن تجاوزه تحت ذرائع ملتوية بل فعل أمر، وفرض عين، ضرورة واجبة مستوجبة.

ملك المغرب فى رسالته يحترس من المزايدين دينيًا، ويسبب الأسباب وراء دعوته شعبه للاقتصاد: «أخذًا بعين الاعتبار أن عيد الأضحى هو سُنة مؤكدة مع الاستطاعة، فإن القيام بها فى هذه الظروف الصعبة سيُلحق ضررًا محققًا بفئات كبيرة من أبناء شعبنا، لاسيما ذوى الدخل المحدود».

وهذا هو المراد من هذه الدعوة الرشيدة، وهذا هو المدخل لفهم رسالة الملك، تُفهم على نحو الاستطاعة، وليت علماء الدين يقفون موقفًا رشيدًا بتوسيع مساحة «فقه الاستطاعة» على نحو يُجنب البلاد والعباد الحاجة عند الحاجة!.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى