مقالات صحفية

هل يمكن أن يفعلها ترامب ؟

بقلم : اللواء الدكتور سمير فرج

فى نوفمبر ١٩٥٤، قام الرئيس السوفيتى، خروتشوف، بإعطاء شبه جزيرة القرم، التابعة للاتحاد السوفيتى، حينئذ، إلى أوكرانيا، فيما يعرف «بقصة القرض»، وهو ما أثار انزعاج الروس، الذين رفضوا اقتطاع جزء من أراضيهم، خاصة أن هذا القرار اُتخذ دون استفتاء شعبى، ما كانت نتيجته لتؤدى لذلك، أبداً. ومرت العقود، إلى أن تحينت روسيا الفرصة، فى عام ٢٠١٤، حين قام الرئيس الروسى، فلاديمير بوتين، بضم شبه جزيرة القرم للأراضى الروسية، وأجرى استفتاءً شعبياً، صوت فيه شعب القرم لصالح الانضمام لروسيا، وحينها قامت أمريكا بفرض عقوبات على روسيا .

وفى فبراير ٢٠٢٢ ، غزت روسيا أوكرانيا، وهو ما اعتبره البعض امتداداً لأحداث عام ٢٠١٤ ، وخلال ذلك الهجوم، سيطرت روسيا على ٢٠٪ من الأراضى الأوكرانية، وكان سببه الرئيسى إعلان أوكرانيا نيتها الانضمام إلى حلف الناتو، مما يعنى وجود قوات عسكرية لأكثر من ٢٨ دولة، فى ذلك الوقت، من دول الحلف داخل الاراضى الأوكرانية، وهو ما اعتبرته موسكو تهديداً لأمنها القومي.

علاوة على ما أشارت إليه بعض الأوساط الاقتصادية،  من استهداف روسيا، كذلك، للاستيلاء على ثروات أوكرانيا، خاصة رواسب الليثيوم فى إقليم دونباس.

ومنذ اندلاع تلك الحرب، سيطرت روسيا على أربع مقاطعات فى أوكرانيا، وهي: لوجانسك، دونيتسك، زاباروجيا، وخيرسون، بل وأجرت استفتاءً حول رغبة سكان تلك المناطق فى الانضمام إليها، وكانت النتيجة لصالح الانضمام إلى روسيا.

وبالفعل، تم ضم هذه المقاطعات إلى روسيا، وتم إصدار جوازات سفر روسية لسكانها، وتعديل جميع قوانين تلك المقاطعات، لدمجها فى الدستور الروسى، وأقر البرلمان الروسى، «الدوما»، هذا التعديل.

وفى المقابل، تمكنت أوكرانيا، فى العام الماضى، من اختراق الأراضى الروسية، فى إقليم كورسك.

وهنا نتوقف أمام تصريحات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، التى صرح بها خلال جولته الانتخابية، بأنه لو كان فى السلطة لما اندلعت الحرب الروسية-الأوكرانية، معتبراً أن الرئيس الأمريكى جو بايدن هو من أشعل هذه الحرب.

مقاطعة البضائع الأمريكية !
الكاتب الصحفي / حمدي رزق - موقع شعب مصر

وأكد أنه عندما يتولى السلطة، مجدداً، سيعمل فوراً على إحلال السلام بين روسيا وأوكرانيا.

وخلال محادثة هاتفية بين ترامب ونظيره الروسى فلاديمير بوتين، يوم الأربعاء الماضى، اتفقا على إنهاء الحرب، فوراً، التى استمر القتال فيها، ثلاث سنوات.

كما أعلن ترامب أنه سيلتقى بوتين، فى السعودية، لبحث مراحل وخطة تنفيذ وقف إطلاق النار، وتحقيق السلام .

وفى عدة تصريحات أخرى، سمعنا بعضا من أفكار ترامب، وآرائه، عندما وصف الرئيس الأوكرانى، زيلينسكى، على سبيل المثال، بأنه «بائع شاطر»، مشيراً إلى أنه كان يحصل فى كل زيارة للولايات المتحدة على ٦٠ مليار دولار من أموال دافعى الضرائب الأمريكيين، مضيفاً أنه لو كان رئيساً لأمريكا لما أعطاه هذه الأموال.

كما صرح، فى الأسبوع الماضى، بأنه ليس من الضرورى انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو، مؤكداً أن أوكرانيا بحاجة لخوض انتخابات تعبر عن المرحلة الجديدة، بعد تحقيق السلام مع روسيا.

ويعتمد ترامب فى خطته لإنهاء الحرب، على استخدام المساعدات الأمريكية، التى تبلغ مليارات الدولارات، للضغط على أوكرانيا لقبول وقف إطلاق النار، وتحقيق السلام، مع تعهد الولايات المتحدة بوضع خطة لإعادة إعمار أوكرانيا، من خلال مشروع مماثل لمشروع مارشال فى الحرب العالمية الثانية، بشرط أن تتنازل كييف عن الأراضى التى ضمتها روسيا .

كما طالب أوكرانيا بدفع ما قيمته ٥٠٠ مليار دولار من المعادن النادرة، التى تُستخدم فى صناعة الإلكترونيات، إلى الولايات المتحدة .

إخترنا لك من أرشيفنا :

أدهم الشوباشي عن الهجوم الإرهابى فى سيناء : أقسم بالله رجالتنا خّلو الإرهابيين الكلاب تعيط وهما فى الهجوم وهما بيحاولوا ينسحبوا وسايبين الجثث وراهم

وقد أثارت هذه التحركات اعتراضاً أوروبياً، إذ انتقدت دول أوروبا تواصل ترامب مع بوتين، دون استشارة دول حلف الناتو، بشأن الخطوط العريضة لخطته لإنهاء الحرب، كما وصفتها جريدة واشنطن بوست التى تقضى بالسماح لروسيا بالسيطرة على المقاطعات الأربع، مع التعهد بعدم مهاجمة أوكرانيا بعد ذلك، والمساهمة فى إعادة إعمار أوكرانيا .

وعلى الطرف الآخر تتعهد أوكرانيا، ودول الغرب، بعدم انضمام أوكرانيا الى حلف الناتو، وكذلك تتعهد بعدم الحصول على السلاح النووى .

وتؤكد بعض التحليلات الإستراتيجية قدرة ترامب، بالفعل، على إنهاء الحرب وإحلال السلام، اعتماداً على استحالة صمود أوكرانيا، أمام روسيا، فى حال إيقاف المساعدات الأمريكية .

طاقم حكام نرويجي لإدارة لقاء القمة الــ ١٢٩ بين الأهلى و الزمالك ..

ومن جانبه، اعترض الرئيس الأوكرانى بأن أحداً لم يستشره، حتى الآن، فى تلك الاتفاقية، خاصة أن أحد بنودها، كما نشرته الصحف الأمريكية، ينص على أنه بعد الوصول لاتفاق للسلام، سيسافر الرئيس زيلينسكى، إلى انجلترا للعيش فيها .

بينما على الجانب الآخر يؤكد الجميع أن الرئيس بوتين يسعى بشده لإتمام اتفاق السلام، لأن روسيا قد أرهقتها الحرب، على المستوى الاقتصادى، من ناحية، بعدما فقدت أسواق الغاز فى أوروبا، التى تعمل الولايات المتحدة على دخولها فى الفترة المقبلة، وكذلك على المستوى السياسى، من الناحية الأخرى، بعد أن فقدت سيطرتها فى سوريا، وبالتالى فى الشرق الأوسط. .

ويرجح البعض أن الحل سيكون عبر صفقة شاملة، مثل اتفاق مالطا فى مؤتمر ١٩٤٥بين الاتحاد السوفيتى والحلفاء، ومن المتوقع أن يضم الاتفاق زعماء روسيا والصين إلى جانب كوريا الشمالية، الذين أصبحوا حلفاءً لموسكو فى مواجهة الولايات المتحدة .

لذا، يتوقع الكثيرون أن الاتفاق الجديد، فى الفترة المقبلة، سيكون بمثابة «خريطة سلام» جديدة، ليس بين روسيا وأوكرانيا، فحسب، وإنما بين جميع التكتلات السياسية، التى تضم كل دول العالم، والتى يهدف الرئيس ترامب من خلالها للحصول على جائزة نوبل للسلام .

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى