الكاتب الصحفي : أحمد رفعت
لا نعرف من وراء ترشيح واختيار الفنان القدير أحمد صيام للقيام بدور الموظف البيروقراطي الملتزم بالروتين واللوائح على حساب روح القانون ومصالح الناس.. ليلعب الدور نفسه .. في واحد من أشهر برامج الإذاعة في تاريخها كله وهو “همسة عتاب”.
وقد ظل ملكا خاصا للفنان الراحل رأفت فهيم حتى ظن الكثيرون – وكنا منهم – أنه لا أحد يمكنه تأدية الدور بذات الإتقان إلى حدود الاستفزاز الكامل الذي كان يؤديه..
حتى تحايل مسئولو شبكة “البرنامج العام” لسنوات بحيل إذاعية للتغلب على غياب الممثل المناسب.. حتى وافق أحمد صيام على تأدية الشخصية.. ليحقق نجاحاً باهراً ربما لم يتوقعه هو نفسه..صحيح لعب مؤلف الحلقات ومخرجها دوراً مهماً حتى استبدلت العبارة الشهيرة لفهيم وهو ينهي الكلام مع أصحاب الشكاوى : “مع السلامة يا خويا وشوف مصلحتك” إلى مجموعة عبارات أخرى وهو يخاطب الساعي “يا إبراهيم.. هاتلي واحد كشري من عند الراجل اللي في أول الشارع” أو “يا إبراهيم.. شوفلي الشاحن وحياة أبوك” الخ..
لكن تأتي بصمات أحمد صيام وقدراته الموجودة معه وعرفناه بها منذ أول دور له عرفه الناس به في “رحلة أبو العلا البشري” في دور عصفور الانتهازي وكيل المحامي.. لتساعده إمكانياته الصوتية ونحافته وقدرته على توظيفهما بالتماهي مع الدور الذي يلعبه التوظيف الأمثل..
في “همسة عتاب” يحيرك صيام..هل تضحك لإفيهاته وتعليقاته..هل تضحك وهو يتفاعل مع الشاكين من جهات مصر الأربع خصوصا الصعايدة..يضحكك وتعليقاته أصلا فاضحة للروتين أكثر من الروتين ذاته..أم تبكي على معاناة البعض مع البيروقراطية خاصة المرضى ممن يعطل بعض صغار الموظفين حقهم في الحصول على العلاج أو إجراء العمليات الجراحية ..فضلا عن صور الظلم الأخرى بسبب تلك التعقيدات!
“همسة عتاب” مساحة للفضفضة أهداها بإعادتها بقوة للخريطة الإذاعية المخرج القدير محمد لطفي رئيس الشبكة السابق الذي رقي نائبا لرئيس الإذاعة قبل أيام ليفتح باب التعبير عن عموم المصريين، ويضيء أماكن مظلمة في حياتنا تحتاج إلى تغيير شكل الإدارة فيها ويرفع الظلم عن الكثيرين، وخصوصا مع تجاوب المسئولين فعلا مع المشكلات..
تحية لـ أحمد صيام.. الذي ربما لا يكون للعمل عائد مادي يكافئ مكانته.. لكنه فيما يبدو يقدر الإذاعة الوطنية المصرية ويؤدي عملا يحبه ولكنه من المؤكد أيضا أنه يسجل لنفسه سطورا إضافية في تاريخه وفي سجل إبداعه وتألقه!