عندما أتصفح الفيسبوك أو تويتر أقابل الكثير و الكثير من الموضوعات و التدوينات التي تأخذني و يأخذني سلاسة أسلوب كاتبها أو مدونها و تشعر و أنت تقرأ أنك نفسك تقول الكلام اللي بيقوله فقررت أن أخصص في موقعنا شعب مصر باباً للتدوينات الحرة لكل من يُحب أن يكتب في موضوع يُفيد المصريين أو يُنعش ذاكرتهم أو يُحيي ذكريات الماضي الجميلة أو يُعطيهم نصيحة مفيدة .الفيسبوك .
بقلم : Yousri Hanno
لا ندري كيف استطاع الجنود المصريون في كبريت أن يصمدوا في حصار دام ١٣٤ يوماً بدون مياه أو امدادات و لم يستسلموا ، بل كانوا يبادروننا بالهجوم ..
فما هي ملحمة كبريت الأسطورية ؟وماذا فعل الجندي المصري البطل ليصبح أسطورة عسكرية بكل المقاييس ؟
اللواء / سعد الدين أنور محمد ، و كان ملازم أول في ذلك الوقت يقول :ان النقطة الحصينة للعدو الإسرائيلي في كبريت ، كانت ضمن خط بارليف و هي ذات أهمية خاصة لأنها تقع في الجزء الفاصل بين الجيشين الثاني و الثالث و تلتقي عندها جميع المحاور الطولية و العرضية، و تقع في أضيق فاصل بين البحيرات المرة الكبرى و الصغرى و المسافة بين الشاطئ الغربي و الشرقي في هذا الموقع لا تتعدي ٥٠٠ متر و يتوسط تلك المسافة جزيرة تجعل من هذا الموقع أنسب مكان يقوم من خلاله العدو بالاختراق السريع وصولا الى مدينة السويس لتطويق الجيش الثالث.
و قد وصلت معلومات للقيادة العامة للقوات المسلحة مساء ٦ أكتوبر تفيد بأن العدو بدأ في تجميع قواته نحو نقطة كبريت بنية الاستناد إليها في القيام بعملية اختراق عميق للقوات المصرية، و كانت النقطة القوية في كبريت لم تسقط بعد في العبور الأول .
كُلِفَت الكتيبة ٦٠٣ من مشاه اسطول القناة و كل رجالها من الصاعقة باقتحام هذه النقطة و الاستيلاء عليها .
المهام على أفراد الكتيبة، لكن كان يعوق حركة الصواريخ المضادة للدبابات أعمدة تليفون سكة حديد بمواجهة كيلوو نصف الكيلو متر ، فقام الملازم أول / عبد الرازق شامة – بأسلحة صغيرة و عبوات ناسفة و بعدد قليل من الأفراد بمهمة فدائية استشهادية ، و تمكن من تفجير ١٥ عامود ثم اكتشف نقطة ملاحظة للعدو كانت توجه قذائف دباباتهم ، فإقتحمها و قتل أحد أفرادها و فر الباقون و إستولى على عدد ٢ رشاش و بعض الوثائق و الصور الجوية ، في مساء يوم ٨ أكتوبر قرر قائد الكتيبة تنفيذ العملية و كانت التقديرات أن الموقع يحتوي على فصيلة مشاه ميكانيكي مدعمة بفصيلة دبابات و على مسافة ٣ كيلو متر قوات من الاحتياطي الإسرائيلي، تُقدر بسرية دبابات و فصيلة مشاه ميكانيكي .
ويضيف اللواء / اسامة عبد الله :بعد سقوط النقطة الحصينة وزع القائد القوات على المواقع المختلفة للدفاع عنها و في هذه الأثناء كنا نشاهد العدو على مرمى البصر يعيد تجميع قواته و خلال ثلاثة أيام بعد استيلائنا على الموقع كانت تحركات العدو تشير الى إستعداده للهجوم لإستعادة النقطة ، فرأى قائد الكتيبة ضرورة القيام بخطة مضادة لإفشال إستعدادات العدو و ذلك بتنفيذ غارات ليلية على قوات العدو المتجمع أمام النقطة ، وإحداث أكبر خسائر بها ، و كنا نتسابق للخروج في هذه الدوريات الإستشهادية و التي كانت تتكون من ضابط و أربعة أفراد فقط ، وقد أدت هذه الغارات إلى إشاعة الذعر والرعب بين صفوف العدو ، و تكبيدهم خسائر فادحة .
ويصف اللواء / صبري هيكل ، والذي كان ملازمًا أول في ذلك الوقت سيناريو العمليات ضد الموقع فيقول :كان اليوم يبدأ بطلعات جوية من الطيران المعادي في قصف جوي مكثف ، يلقي فيه علينا جميع أنواع القذائف ليفرش الأرض بنيرانه المسعورة ،دانات زنة ألف و ألفي رطل، قنابل البلي العنقودية و هي عبارة عن مستودع كبير يتم إلقاؤه من الطائرة فتخرج منه قنابل صغيرة تنتشر على الأرض لتعمل كألغام موقوتة تنفجر عند ملامستها للجسم ، ثم تأتي بعد ذلك المدفعية التي تُمطر الموقع بكل أنواع الأعيرة والتي من كثافتها أحالت تربة الموقع الصفراء الى اللون الأسود ، و كان الدخان يتصاعد من الموقع طوال اليوم ، و قبل أن تغيب الشمس تبدأ قوات العدو المدرعة في الهجوم من جميع الإتجاهات ، ثم يحاولون التقدم للإستيلاء على الموقع ظناً أن كل ما فيه قد دُمِر .
و لكن فجأة تنشق أرض مصر عن أبطالها و تنهمر نيراننا عليهم ، فتندلع النيران في مركباتهم و مدرعاتهم و يفرون من أمامنا ..و أذكر أن إحدى الدبابات قد تقدمت لمسافة قريبة لا تزيد على عدة أمتار و كان في مواجهتها اثنان من أفراد الكتيبة ، استُشهِد أحدهما و نفدت الذخيرة من الآخر ، فخرج من موقعه و هو يصيح :الله أكبر ..الله أكبر ..و لم يكن معه طلقة واحدة و إندفع في إتجاه الدبابة ، فظن من فيها أنه يحمل ألغامًا و سيفجرها ، فخرجوا منها رافعي الأيادي وإستسلموا ، لكنه هجم على احدهم وحاول أن يطبق على رقبته حتى يثأر لزميله الذي أُستشهِد ، ولكننا تمكنا من تخليصه منه .و عندما يئس العدو من إستعادة الموقع لجأ الى حصارنا من كل الجهات .اللواء / سيد أدم ،وكان وقتها برتبة ملازم يقول :عندما بدأنا عبور البحيرات خيم على الجميع الصمت وتلاقت عيوننا في تصميم و إصرار على النصر، و بمجرد وصولنا الى الشاطئ الشرقي للقناة ، بدأت نيران العدو تتساقط علينا ، سمعنا صيحة الله أكبر تتردد في الأصداء ، فإستحوذت على وجدان جميع الرجال ، فأخذنا نرددها جميعا :الله أكبر ..الله أكبر ..كنا نرددها فنزداد إيمانًا و يقينًا وثقة في الله أنه سوف ينصرنا لا محالة …ومع ترديد هذه الصيحة شاهدنا في السماء أسرابًا من الحمام الأبيض تطير فوق قواتنا ..
بعد الإستيلاء على النقطة خرج الملازم أول / صبري هيكل يفتح ثغرة في حقل الالغام أمام موقع فصيلته ليخرج منها دوريات الإغارة ، و كان العدو في هذه الأثناء يعيد تجميع قواته، و أدرك قائد الكتيبة بأن العدو يستعد للهجوم و خشي ان يستغل الثغرة فأمر الملازم أول/ صبري هيكل بسرعة اغلاقها بالإلغام ، و على الفور بدأ الملازم أول/ صبري في سد الثغرة و لأن الوقت لم يسعفه حيث بدأ هجوم العدو فعلا فما كان منه إلا أن بعثر الألغام في كل اتجاه دون تقييد بنظام رص الالغام المتبع في الحقل ، و انسحب مسرعًا، و بدأت دبابات العدو في الهجوم و هم يتقدمون في حقل الألغام وفق خريطتهم لتفادي الألغام ، لكن فجأة توالت الانفجارات فقد دخلوا في الحقل المبعثر ..و تنسحب دبابات العدو المتبقية بعد أن تركت أكثر من خمس دبابات وقد تحولت إلى حطام .و يضيف اللواء / سعد الدين أنور – لا نستطيع أن يأتي ذكر حرب أكتوبر ، دون أن نتذكر شهداءنا :المقدم / ابراهيم عبد التواب قائد الكتيبة ،البطل طلب قبل العمليات من الرائد / خليل عصمت بدر الدين و كان يشغل وظيفة رئيس الشئون الادارية علمًا لمصر له شخصيًا، خلاف العلم الذي تسلمه من القيادة ، و بعد الإستيلاء على الموقع و رفع علم مصر عليه قال ابراهيم عبد التواب :كفنوني في علم مصر اللي معايا ، لأني سوف أُستُشهِد و أُلَف فيه و أُدفَن هنا إن شاء الله ،وأشار الى مكان داخل الموقع …..و تشاء الأقدار أنه في يوم ١٤ يناير ١٩٧٤ ، أطلقت قوات العدو بعض قذائفها ليستُشهِد القائد الأسطورة كما وصفه اعداؤه في الموقع المقابل و لم تخرج طلقة واحدة يومها بعد ذلك ،ويُدفَن في نفس المكان الذي أشار إليه .
الشهيد النقيب / سمير السيد وهدان – كان ضابط كوماندوز و لم يمضِ على زواجه سوى شهرين و ترك زوجته و في أحشائها جنين يتكون ، أغار على مواقع العدو و أصاب الكثير من دباباتهم و كان يثير الرعب في قلوبهم، أصيب بشظايا صاروخ في فخذه و عند نقله الى مستشفي فايد أصيب مرة أخر و لقي ربه .الشهيد ملازم أول / عبد الرازق عبد المقصود – أول دفعته و أول فرقته في فرقة الصاعقة الراقية، أصيب في الفخذ و البطن و لقي ربه بعد أسبوع من الاصابة.الشهيد ملازم أول / عدنان عمر صدقي – دفعة ٦٠ حربية ضابط موقع هاون ٨٢ مم استشهد وسط رجاله في غارة جوية يوم ١٩ أكتوبر ١٩٧٣ .الدكتور / صفوت ، كان يتقدم خلال النيران ليضمد الجراح و أجرى الكثير من العمليات الخطيرة بإمكانيات محدودة، و في يوم ٢٣ اكتوبر دخل الملجأ الطبي و معه ٨ أفراد مصابين لعلاجهم فسقطت عليهم قنبلة زنة ألف رطل ، الغريب عندما فتحنا عليهم الملجأ بعد اسبوع نجد الدكتور صفوت يحتضن المصابين و تعلوا وجوهم ابتسامة …و يشهد لكتيبة الأبطال .. الكتيبة ٦٠٣ مشاة البحرية المصرية الخبير الاستراتيجي البريطاني كورد سماك ،حيث أكد أن القوات المصرية في كبريت ظلت صامدة مدافعة رغم افتعال الثغرة و الحصار، و قد امتد صمودها بشجاعة نادرة حتي نهاية شهر يناير ١٩٧٤م، و لم تستطع أي قوة اسرائيلية أن تستولي على أي جزء من هذه المنطقة ، و كانت هناك بطولات رائعة أصبحت الآن تُدرس في أكبر المعاهد العسكرية في العالماللواء مهندس دكتور جابر شعراوي من ابطال الموقعة دفعتنا الدفعة ٩ فنية عسكرية سلاح المدرعات .
تدوينات حرة : مو صلاح الأسطوري ووصوله لــ٤٩ هدفاً في دوري أبطال اوروبا