بقلم الكاتب الصحفي / حمدي رزق
في مقال كاتبنا اليوم يعرض لاعتراضات نقابة الصحفيين و التي لم يُؤخذ بها في لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب بشأن مشروع قانون الإجراءات الجنائية، كما تم سماع إعتراضات نقابة المحاميين فكتب من خلال المصري اليوم ..
الملاسنة التى بلغت حد المخاشنة وكَيْل الاتهامات البغيضة، والتى حواها بيان لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، فى مواجهة بيان نقيب الصحفيين الأستاذ «خالد البلشى»، لا تستقيم شكلًا ولا موضوعًا ولا قانونًا ولا فيها ريحة السياسة.
بيان نشاز على حالة حوارية وطنية معتبرة بشأن مشروع قانون الإجراءات الجنائية، مخاشنة لا محل لها من الإعراب القانونى، لا محلها ولا وقتها، لا تضيف إلى مشروع القانون حرفًا، تنتقص حروفًا من الحالة الحوارية النموذجية، التى صاحبت مناقشات ملاحظات «نقابة المحامين» على المشروع أمام ذات اللجنة، وخرج بعدها نقيب المحامين الموقر الأستاذ «عبدالحليم علام» يشيد ويزيد: «أعمال لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية اتسمت بسعة الصدر والاستماع إلى كافة الآراء والمقترحات الهادفة إلى حماية حق الدفاع وكفالة الضمانات الدستورية والقانونية المقررة له».
لماذا إذن الضيق بملاحظات «نقابة الصحفيين»؟، لماذا لا توجه اللجنة الدعوة إلى «نقيب الصحفيين»، كما دعت اللجنة «نقيب المحامين»، وكما وقفت واستوفت ملاحظات المحامين، واستجابت لما فيه المصلحة القانونية، تقف على ملاحظات نقابة الصحفيين، عسى أن تنفعها أو تتخذ نقابة الصحفيين سندًا ودعمًا.
لقاعدة الأصولية تقول: «نتعاون فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه»، قاعدة مستوجبة، ربما تصلح لِلَجم الخلاف، وتجسير الهُوّة، علمًا أن ملاحظات نقابة الصحفيين قام عليها ثلاثة من كبار المحامين، ليس من بنات مقالات الصحفيين ولا مدوناتهم الإلكترونية.
ولا تترجم ملاحظات الصحفيين القانونية رفضًا للقانون بقدر تحصينه من النقص والعوار، وليس تشكيكًا فى احترافية اللجنة وأمانة منتسبيها، بل حفزهم على الإمساك بالحرف فى قانون يُوصَف بالدستور (المصغر).
نعلم أنه قد يضيق صدر البعض من أعضاء اللجنة بما يقولون، ولكن سعة الصدر واجبة مستوجبة، اللجنة تحمل أمانة ثقيلة، ومن ثقلها يضيق صدرها، والمطالبات بإيفاء الأمانات إلى أهلها من قِبَل النقابات وقادة الرأى وفقهاء القانون لا تُترجم تشكيكًا فى نزاهة اللجنة، بل حفزها إلى الإجادة، وهى أهل لهذه الأمانة.
إذ تقول نقابة الصحفيين (لا) للقانون، مستبطنة معنى معتبرًا، مصر الكبيرة وطن يتسع لقول (لا).. و(لا) الوطنية تشحذ قول (نعم) الوطنية، لا تستقيم (نعم) فى «نقابة المحامين» دون استصحاب (لا) فى «نقابة الصحفيين»، و(لا) ليست رجسًا من عمل الشيطان، بل واجب وطنى يستبطنه المعارض الشريف، ويعبر عنه بفخر واعتزاز بمصريته التى مكنته من قول (لا) فى وجه مَن قالوا (نعم). تقبيح (لا) ورميها بكل نقيصة لا يستقيم وطنيًّا، كما أن تقبيح (نعم) ورميها بالاتهامات ليس من الوطنية فى شىء.. هذه بضاعة فاسدة منتهية الصلاحية من زمن مضى.
فارق كبير أن تقول (لا) ويتسع صدرك وعقلك لقول (نعم)، أو تزفرها (لا) حممًا فى وجوه مَن قالوا (نعم). فارق أن تقول (نعم) وتحترم مَن قالوا (لا) وتُثنى على قول (لا) وما يعتقدون.
التعاطى النموذجى من قِبَل اللجنة التشريعية مع ملاحظات «نقابة المحامين» يؤشر على إمكانية التفاعل الحميد مع ملاحظات «نقابة الصحفيين»، التفاعل الوطنى بين (لا.. الوطنية) و(نعم.. الوطنية)، فى حوار قانونى راقٍ على أرضية وطنية صلبة، لا تُجنب المختلف وتُقصيه، ولا تزدرى المؤيد وترميه بالنقيصة أو تعيب عليه. لكلٍّ مكانٌ فى وطنه.
الاحترام مستوجب، ويجب أن يسود وفق القواعد المرعية.. الاحترام دستور غير مكتوب على الورق، ولكنه مستبطن فى الضمائر، وتعبر عنه العقول اتفاقًا أو اختلافًا.