بقلم المحلل العسكري و الإستراتيجي لواء د. سمير فرج
في مقال محللنا اليوم من خلال الأهرام يتحدث عن إحتمالات إنتهاء حرب غزة بعد دخولها الشهر الرابع دون أن يرمش لفاعليها جفن فكتب :
دخلت حرب غزة شهرها الرابع،مخلفة العديد من الأزمات، ليس فى المنطقة فحسب، وإنما فى مختلف دول العالم، خاصة بعدما اتسعت دائرة القتال لتشمل البحر الأحمر، مهددة بذلك سلاسل الإمداد العالمية، وهو ما يؤكد مقولتى بأننا نعيش فى عالم الأوانى المستطرقة، بمعنى أن ما يجرى فى مكان ما، تنعكس آثاره على باقى أنحاء العالم، تماماً مثلما حدث عند تفشى وباء كورونا، ومرة أخرى عند بدء القتال بين روسيا وأوكرانيا، إذ تأثرت كل دول العالم، بصرف النظر عن أوضاعها الاقتصادية. وأمام تفاقم الأوضاع، وإدراك أهمية الوصول لحلول عاجلة، لتخفيف آثار الأزمة، اتصل الرئيس الأمريكى جو بايدن، بنظيره الرئيس عبدالفتّاح السيسى، للتمهيد لعقد اجتماع، فى باريس، يضم مدير وكالة الاستخبارات الأمريكية ويليام بيرنز، واللواء عباس كامل مدير المخابرات العامة المصرية، ورئيس الوزراء القطرى، مع كل من مدير المخابرات الإسرائيلية الموساد، ومعه مدير جهاز الأمن العام الإسرائيلى الشاباك، لبحث الوصول إلى حل نهائى للمشكلة داخل قطاع غزة.
يأتى السعى الأمريكى، الحالى، لإنهاء الحرب، خلال الأسبوعين المقبلين، قبيل بدء الحملات الانتخابية الرئاسية، بعدما خسر الرئيس، جو بايدن، الكثير من النقاط فى الانتخابات التمهيدية، أمام غريمه الجمهورى، دونالد ترامب، بسبب سياسته فى إدارة ملف حرب غزة. وبناءً عليه، توجه ويليام بيرنز إلى فرنسا، يوم الأحد الماضى، حاملاً معه مسودة النقاط الخلافية بين الجانب الإسرائيلى، والجانب الفلسطينى، سواء السلطة فى رام الله، أوالمقاومة فى غزة، فى محاولة للوصول لاتفاق بشأنها، وفق ما ذكرت المصادر الإعلامية، والتى يمكن إجمالها فى ثمانى نقاط :
- كانت النقطة الأولى، هى وقف إطلاق النار، حيث طلب الجانب الفلسطينى وقفاً دائماً للقتال، بينما رفضت إسرائيل ذلك، واقترحت هدنة مؤقتة لمدة شهر أو شهرين.
- أما نقطة الخلاف الثانية فكانت بشأن تبادل الرهائن الإسرائيليين بالأسرى والسجناء الفلسطينيين، والتى اشترطت المقاومة الفلسطينية ألا يتم ذلك إلا بعد الوقف الدائم لإطلاق النار، بينما عرض الجانب الإسرائيلى إطلاق صراح جميع الرهائن، مقابل الإفراج عن بضعة آلاف من الأسرى فى السجون الإسرائيلية، دون ربط ذلك بوقف القتال بصفة دائمة.
- وفيما يخص النقطة الثالثة، فتدور حول وضع أساس للدولة الفلسطينية، بعد إجراء انتخابات جديدة تضم غزة والضفة الغربية، وهو الأمر الذى يرفضه نيتانياهو، ويصر عليه جو بايدن.
- وهو ما يرتبط برابع نقاط الاختلاف، والتى تقضى بتعيين حكومة تكنوقراط فلسطينية، بعد رحيل قوات الاحتلال من غزة، لإدارة انتخابات رئاسية جديدة فى فلسطين، على أن يكون دور الرئيس الفلسطينى غير تنفيذى، وهو الأمر الذى لا يلقى قبولاً إسرائيلياً.
- أما خامسة النقاط الخلافية، فكانت فى إصرار الجانب الإسرائيلى على خروج جميع قادة حماس من غزة إلى أى دولة أخرى، وهو الأمر الذى ترفضه، بالطبع، قيادة المقاومة.
- واختلف الجانبان، الإسرائيلى والفلسطينى، فى نقطة سادسة، بشأن الإطار العام المنظم، لتعيين حكومة فلسطينية جديدة، لتولى السلطة فى الضفة الغربية وغزة، بعد الانتهاء من الانتخابات الرئاسية، التى ستمنح الرئيس الفلسطينى دوراً شرفياً فى القيادة الجديدة.
- أما النقطة السابعة، ففى إنشاء قوة سلام، من الدول العربية، لإدارة غزة، بعد خروج القوات الإسرائيلية، وذلك لمتابعة الانتخابات الرئاسية، ومن ثم تسليم الأمور للسلطة الفلسطينية فى رام الله. وأخيراً رفض الجانب الإسرائيلى الاقتراح بأن تقدم الولايات المتحدة الأمريكية خطة السلام إلى مجلس الأمن، لاستصدارها فى صورة قرار ملزم لكل أطرافه.
وفى سياق متصل، قام وزير الخارجية البريطانى، ديفيد كاميرون، بجولة فى المنطقة، التقى خلالها رئيس الوزراء الإسرائيلى، ثم الرئيس الفلسطينى محمود عباس، فى رام الله، واقترح خطة للسلام تقوم على خمسة محاور، تدور جميعها حول ذات المقترحات التى حملها ويليام بيرنز، كما أعلنت صحيفة فايننشال تايمز، تماماً، مثلما فعلت عشر دول أخرى، طبقاً لصحيفة نيويورك تايمز، إلا أن ما يميز المقترح الأمريكى، هو وضعه آلية التنفيذ، فى حال التوصل إلى اتفاق بين جميع الأطراف بشأن النقاط الخلافية.
إطلالة على الاستراتيجية المصرية عام ٢٠٢٣
وعلى الطرف الآخر، تمكنت إسرائيل من إقناع عدد من الدول، بتعليق تمويله وكالة الأونروا، التابعة للأمم المتحدة، والمعنية بإغاثة اللاجئين الفلسطينيين، والتى بدأت عملها عام ١٩٥٠، ويعتمد عليها ستة ملايين لاجئ فلسطينى، سواء فى الحصول على الغذاء، أوالرعاية الطبية، والتعليمية، أو التشغيل، وتنفق فى ذلك نحو ١.٨ مليار دولار سنوياً، توجه نسبة 48% منها لقطاع غزة، بينما يحصل باقى اللاجئين فى الضفة الغربية وكل المناطق العربية، على النسبة المتبقية.
ضمت قائمة البلدان التى علقت تمويلها لوكالة الإغاثة كلا من أمريكا وكندا وإيطاليا وأستراليا وفنلندا وبريطانيا وألمانيا واليابان وفرنسا، ورغم مناشدات الأمين العام للأمم المتحدة، أنتونيو جوتيريش، لتلك الدول باستئناف مساعداتهم للوكالة، وتأكيده فصل أفرادها المتورطين فى هجوم السابع من أكتوبر، فضلاً عن ملاحقتهم جنائياً، إلا أن أيا منهم لم يتراجع عن قراره.
فبعدما تصدى الرئيس عبدالفتاح السيسى والملك عبدالله لخطة نيتانياهو بتهجير الفلسطينيين إلى سيناء، والأردن، وبعدما فشل فى تهجيرهم إلى مناطق أفريقية فى دولتى تشاد والكونغو، وبعدما رفضت الدول الأوروبية السماح له بفتح معبر بحرى إلى أوروبا لنقل أهالى غزة إليها، نجده مستمراً فى خطته الشيطانية، بتضييق الخناق عليهم، فتعليق المساعدات لوكالة الإغاثة يعنى عقابا جماعيا للشعب الفلسطينى، وتشريدا لأهالى غزة،لإجبارهم على الرحيل منها، بعدما تنقطع بهم سبل العيش فيها، وهو ما لم يكن يسيراً، حتى قبل السابع من أكتوبر الماضى!