بقلم الكاتب الصحفي / حمدي رزق
«أَعمى يَقودُ بصيرًا لا أَبا لَكُمُ قَد ضَلَّ مَن كانَتِ العُميانُ تَهديهِ» .
بيت شعر لشاعر العربية الكبير «بشار بن برد» يلخص حالة جيش الدفاع الإسرائيلى، أعمى القلب «نتنياهو» يقود جيشا من العميان إلى المحرقة في غزة.
الحالة، حالة العمى الحيسى الذي يعمه فيه جيش الاحتلال، ترسمه لوحة الفنان «بيتر بروخل» الأب من عصر نهضة الفنون الهولندية بعنوان «عميانٌ قادة عميان»، أو مثَل العميان.. ومنها أشتق عنوان المقال أعلاه.
تصوّر اللوحة الآية الواردة في إنجيل (متّى ١٥:١٤) عن العميان قادة العميان، والمعنى، دَعُوهُمْ وَشَأْنَهُمْ، فَهُمْ عُمْيَانٌ يَقُودُونَ عميانًا. وَإذَا كَانَ الأَعْمَى يَقُودُ أَعْمَى، يَسْقُطَانِ مَعًا فِى حُفْرَةٍ، واللوحة محفوظة ضمن مجموعة متحف «كابوديمونتى» الوطنى في نابولى بإيطاليا.
هيئة البث الإسرائيلية تعلنها دون خجل، (١٠٠ جندى) إسرائيلى أصيبوا في أعينهم، وبعضهم أصيب بالعمى خلال المعارك في غزة.. فأغشيناهم فهم لايبصرون هدى، ولا ينتفعون به. عميان يقودون عميانًا، عميان «الكابينت»، (مجلس الحرب الإسرائيلى) يقودون عميانا إلى «حقل الشوك» هكذا تعرف غزة في الأدبيات العسكرية الإسرائيلية.
خزق العيون الوقحة، مجرمو الحرب باتوا يخشون على أعينهم حذر العمى، يرتدون نظارات الميدان السميكة، يتخبطون في ظلام أنفسهم.. يعمون عن إدراك أهداف هذه الحرب البربرية، يقصفون بعضهم بعضا، يصفونها بالنيران الصديقة وهّم أعداء بعض.
نتنياهو، أعمى القلب لا يرى سوءة مصيره جيدا، لن يرسم بطلا، ولن يغفر له العميان جريمته، العميان سيحاسبونه على جرمه وما اقترفت يداه.
لغزة رب ينجيها من المهالك، وأرواح أطفالها الشهداء ملائكة ترفرف بأجنحة بيضاء، بردا وسلاما.
عميان الكابينت لا يبصرون مصيرهم جيدا، سيحاكمون كمجرمى حرب، وعقابهم خزق العيون حتى يمضوا بقية حيواتهم يتخبطون في ظلام أنفسهم، لن يفلتوا من عقاب العميان الإسرائيليين، كل من فقد عينه سيرتدى عصابة سوداء ترمز إلى العمى الذي أصاب الدولة العبرية، دولة العميان.
إحصائية هيئة البث الإسرائيلية بالضرورة ليست دقيقة، محكومة بمحاذير صارمة تقلل الخسائر إلى حدّها الأدنى، يقينا الجيش الإسرائيلى يعانى من فقد العيون، من العمى الذي يصيب جنوده، ناهيك عن الجثث العائدة في توابيت من غزة، بيت المقاومة يرسل إلى تل أبيب شحنات من الجثث، أرقام الخسائر في صفوف جيش الاحتلال لو أعلنت بشفافية لتوارى قادة الكابينت عارا، ولكنهم يظهرون كالشياطين يرتدون سرابيل سودا، وكأنهم خارجون لتوهم من الجحيم.
لن يتحمل جنود هتلر الإسرائيلى طويلا، خزق العيون بات هاجسا يؤرقهم، ويعمى أعينهم، لا يرون جيدا، يتخبطون، لذا يقصفون كل شىء وأى شىء، حجر، بشر، طفل، شيخ، مسنة، وفتيات في عمر الزهور.
من فرط العمى يقصفون المستشفيات والملاجئ، فعلا العمى عمى القلب، والعمى الإسرائيلى عمى حيسى، والعمى «الحيسى» هو العمى الحسى، أي عمى حاسة الرؤية ذاتها الميؤوس منه، عمى دائم ليس مؤقتًا أو ناجمًا عن انفعال أو رد فعل على طوفان الأقصى.