بقلم الكاتب الصحفي / حمدي رزق
ما تأخرت يومًا، ولم تبلغ غيابًا قط، في المفاصل التاريخية الكنيسة المصرية الوطنية حاضرة بثقلها الشعبى، يصدر من الكنيسة المصرية صوت عميق يدعو عموم المصريين إلى النهوض بواجبهم الوطنى (تصويتًا في الانتخابات الرئاسية) حبًّا في أغلى اسم في الوجود.
قداسة البابا «تواضروس الثانى» نهض إلى واجبه الوطنى، وفى مفتتح عظة الأربعاء، في كنيسة «رئيس الملائكة ميخائيل»، بدير الملاك البحرى، حضَّ أبناءنا في الخارج على المشاركة في الانتخابات والتصويت، يُذكرنا بما قد نسيه البعض واجبًا: «أشجع كل المصريين على التوجه إلى أماكن الاقتراع والسفارات والقنصليات والتعبير عن الرأى بالمشاركة».
لاحظ (كل) في العبارة الباباوية، البابا تواضروس بابا المصريين، كل المصريين، كما كان مثلث الرحمات البابا «شنودة الثالث» بابا العرب.. كل العرب، موقع البابا في الحالة المصرية لا يضاهيه موقع روحى حول العالم، محبة غامرة من عموم المصريين إلا المرجفين.
يقول بابا المصريين: «المشاركة في الانتخابات الرئاسية من أشكال تأكيد المواطنة، فمن علامات كونك مواطنًا مصريًّا مرتبطًا بوطنك أن يكون لك صوت وتعبر عن اختيارك، وأنت صاحب الاختيار».
قداسته يعبر عن لسان حال كنيسة وطنية عريقة جذورها ضاربة في أعماق الحضارة المصرية، وما تأخرت يومًا عن واجب وطنى، ولا انعزلت عن شواغل الأمة المصرية، حاضرة بثقلها التاريخى في ميزان الوطن، وترفد النهر دومًا بماء حلو سائغ شرابه للمصريين.
القيادات الروحية في الكنيسة تتمتع بوعى وطنى لافت، صحيح لا تنشغل بالسياسة، ولا تشغلها السياسة بمعناها الحزبى الضيق، وليست منخرطة في الأمور السياسية، ولكنها منشغلة بالهم الوطنى العام كواجب وطنى.
شراكة وطنية محمودة، وتشارك في الفعاليات الوطنية بوعى تاريخى، ولا تتولى يوم الزحف، إيجابية الكنيسة المصرية وطنيًّا من أبجديات الحالة المصرية.
صوت الكنيسة الأرثوذكسية، على لسان قداسة البابا تواضروس، يصل إلى القلوب والعقول معًا، وتترجم أشواق عموم المصريين في حياة كريمة على أسس ديمقراطية سليمة، ويتردد صداه في كافة كنائس المحروسة.
حضرت، قبل أيام، تجمعًا راقيًا في حب الوطن دعت إليه «الهيئة الإنجيلية» بحضور نخبة وطنية ممثلة لأطياف الأمة المصرية في القلب منها وزيرة التضامن الراقية الدكتورة «نيفين القباج»، وكانت كلماتها عميقة مؤثرة، وتوقفت مليًّا امام كلمات الدكتور القس «أندريه زكى»، رئيس الطائفة الإنجيلية في مصر، كلمات من قاموس وطنى، من معجم ناطق بالوطنية، يقول داعيًا إلى التصويت في الانتخابات الرئاسية: «الوطن وطنُنا جميعًا ومسؤوليَّتُنا جميعًا».. نفس منطوق باباوات الكنيسة الوطنية العظام.
الكنائس المصرية في مجموعها الوطنى ترسم صورة ملونة في حب مصر، إخوتنا يرسمون صورًا يعجز عن وصفها القلم السيّال، المسيحيون المصريون داخل وخارج مصر يبدعون إبداعًا راقيًا في حب الوطن، ويرسمون لوحات ملونة بحبر القلب، المسيحيون يضربون أروع الأمثلة في الوطنية، ولا يُمرِّرون الأحداث دون لمحات طيبة.
سيقول السفهاء من الناس إن قادة الكنيسة يتجملون، فليكن، فليتجمّلوا أكثر، فيه أجمل من كده؟!. ويتعجبون أنهم يمالئون.. ويتوددون، وليكن، فليتوددوا أكثر، ويبروا وطنهم، ويقفوا في ظهور قيادتهم، ويفرحوا في قلب الشعب المصرى، ويستحثوا الخطى حبًّا في السراء والضراء وأمام صندوق الانتخابات.. مبارك شعبى مصر.