يقول الروائى الشهيد «غسان كنفانى»، في وصف المرأة الفلسطينية: «هذه المرأة تلد الأولاد، فيصيرون فدائيين. هي تخلف، وفلسطين تأخذ » .
يلجأ بعض الآباء في غزة إلى كتابة أسماء أبنائهم على أرجلهم للمساعدة في التعرف عليهم في حالة مقتلهم أو مقتل أطفالهم، وفقًا لمقاطع فيديو صورها صحفى في شبكة CNN. وتُظهر المقاطع الحزينة أربعة أطفال قُتلوا، وهم يحملون أسماءهم مكتوبة بالعربية على سِيقَانهم، وشُوهد الأربعة وهم مستلقون على الأرض، في غرفة تبدو وكأنها مشرحة مكدسة بالأشلاء.
الأطفال حول العالم فرحون يكتبون أسماءهم على الكراريس، وأطفال غزة يكتبونها على أقدامهم حذر الموت، ثِقْ أنه مَن سيخرج من المشرحة، مكتوب اسمه على رجله، ويُكتب له عمر جديد لن تطيقه إسرائيل في قادم الأيام.
ستهب من المشرحة ريح صرصر عاتية.. مقاومون أشداء.
نحن إزاء ولادة جيل يستبطن ثأرًا، سيُصليها نارًا، لن تهنأ إسرائيل بالراحة التي تطلبها، ستظل في رعب مقيم، وستدوى صفارات الإنذار طويلًا، كُتب عليهم الخوف، ولن تحميهم أغلفة، ولن تصد غضبة هذا الجيل قبة حديدية.
كل مَن نجا من المجزرة سيزأر، سيثأر، سترون عجبًا، إسرائيل اختارت، وعلى نفسها جنَتْ براقش، أطفال المقاومة سيُذيقون إسرائيل الويل، سيكتبون نهاية الدولة العبرية، هلاك إسرائيل على أيدى هذا الجيل الذي شهد المجزرة، وشيّع روحه، وبات على ثأر.
جيل لم ولن تشهد البشرية مثيلًا له، جيش شرب كأس العذاب، ذاق الأهوال، وخبر الموت، وفقد الأمل في الحياة.
مَن سيخرجون من تحت الأنقاض مرَدَة لا قِبَل لكم بهم، كل منهم مشروع شهيد، يوم كتبوا أسماءهم على سواعدهم وأقدامهم ليتعرفوا عليهم بعد القصف جثثًا وأشلاء، سيكتبون أسماءهم في سجل الشهداء، مَن خبر الموت تَهُنْ عليه الحياة .
قبل المجزرة، وقعت على إحصاء فلسطينى فريد، أذاعه الجهاز المركزى للإحصاء في فلسطين، يلفتنا إلى ظاهرة فلسطينية حصرية، ما يسمى «الأطفال المقاومين»، ظاهرة فريدة نضاليًّا، وتُقلق راحة الاحتلال الصهيونى. عندما يشب الطفل عن الطوق مقاومًا، فثِق أن للقضية شعبًا يحميها. في فلسطين يَهِبون أطفالهم فداء للقضية.
بحسب الإحصاء الفلسطينى، عدد الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلى بلغ ٤٤٥٠ أسيرًا حتى شهر إبريل من عام ٢٠٢٢، منهم ١٦٠ أسيرًا من الأطفال، أما عدد حالات الاعتقال فبلغ خلال عام ٢٠٢١ نحو ٨٠٠٠ فلسطينى في كل الأراضى الفلسطينية، من بينهم نحو ١٣٠٠ طفل، أطفال لا يذهبون إلى المدارس، أطفال أسرى ومعتقلون في سجون الاحتلال.. كيف لهذا الاحتلال البغيض أن يواجه شلال المقاومين؟!.
الأطفال المقاومون من سلسال الشهداء، شهداء أولاد شهداء، أحفاد شهداء، الحفيد في أثر الجد الشهيد، مقابر الشهداء تجمع رفات الشهداء على مدار العقود والأعوام.
تخيل، عدد الشهداء الفلسطينيين منذ نكبة عام ١٩٤٨ وقبل المجزرة الأخيرة بلغ نحو مائة ألف شهيد.. رقم يشرّف وطنًا، رقم يُنير وجه فلسطين الحزينة، أرقام تبعث على الفخر والفخار والافتخار، هذا شعب المقاومين، الشعب الذي يقدم ١٠٠ ألف شهيد فداء لقضيته، ويروى بدمائهم الزكية أرضه، لن تضيع قضيته مهما طال زمان الاحتلال .