بقلم الكاتب الصحفي / حمدي رزق
الانتخابات المبكرة هى انتخابات تُجرى قبل موعدها الذى سبق تحديده، وانتخابات مبكرة تترجم فى الأدبيات السياسية انتخابات استثنائية، وفق أزمة سياسية تستوجبها مبكرة.
سقط كثيرٌ من المعلقين مبكرًا فى فخ صيغ بخبث شديد، يصف الانتخابات الرئاسية الجارية بأنها «انتخابات مبكرة» لأسباب لا تخفى على كثيرين، ما خلّف علامات استفهام غبية ترتبت عليها تحليلات حمقاء سرت فى الفضاء الإلكترونى.
ومن تفطن منهم قال إنها «انتخابات متقدمة على موعدها»، وهو لا يعلم موعدها أصلًا.. والحقيقى أنها فى موعدها تمامًا، وعلى وقتها بالضرورة، لا تقديم ولا تأخير، ولا توصف ألبتة بأنها انتخابات مبكرة كما يحلو لبعض المؤلفة قلوبهم.
اللزوميات أشهر مؤلفات شاعر العربية الكبير «المعرّى»، وفى الشعر أن يلتزم الشاعر بالقافية، بالإتيان بحرف قبل حرف القافية الذى يجب الالتزام به.
نستعير الوصف «اللزوميات» انتخابيًا، ونقول مواعيد الانتخابات على ما أعلنته الهيئة الوطنية للانتخابات يدخل فى باب اللزوميات الانتخابية، لزوم ما يلزم، الإتيان بموعد يتسق مع النصوص الدستورية الحاكمة.
شرح مبسط: تنص المادة (140) من الدستور (المعدل فى 2019) على «بدء إجراءات انتخاب رئيس الجمهورية قبل انتهاء مدة الرئاسة بمائة وعشرين يومًا على الأقل، وأن تُعلن النتيجة قبل نهاية هذه المدة بثلاثين يومًا على الأقل». (راجع مواعيد الهيئة على هذا النص الحاكم)
ومن اللزوميات، دستور عام 2014 سمح باستمرار سريان الإشراف القضائى الكامل على الاستحقاقات الانتخابية فى السنوات العشر التالية لتاريخ العمل بالدستور، وتنتهى هذه المنحة الدستورية يوم (16 يناير 2023)، ما تطلب إجراء الانتخابات الرئاسية (تحت الإشراف القضائى) لحين تعديل قانون الهيئة الوطنية للانتخابات فى مرحلة لاحقة وتثبيت الإشراف القضائى واستدامته، بحسب مطلب جماعة الحوار الوطنى.
لو شئنا الوصف، فموعد الانتخابات من لزوميات توفير الغطاء القضائى للانتخابات الرئاسية، والإشراف القضائى مطلب مستدام للقوى الوطنية، لا ترتضى عنه بديلًا، ثقة فى القضاء المصرى الشامخ الذى يوفر الضمانات الكافية لعملية انتخابية شفافة ونزيهة، بطريقة قاضٍ على كل صندوق.
إذن، لو تأخرت الانتخابات الرئاسية عن المواعيد المقررة أسبوعًا واحدًا لخرجت من تحت مظلة الإشراف القضائى، وهذا غير مستحب شعبيًا، ويثير غبارًا سياسيًا على مجريات العملية الانتخابية، ويضعها موضع الشك والتشكيك داخليًا وخارجيًا.
الإشراف القضائى من لزوميات الانتخابات المصرية، ضمانة يقينية فى الضمير الجمعى لانتخابات نزيهة، رغم أنها لن تسلم، كما هو حادث الآن، من غائلة المشككين، وهؤلاء لا يطلبونها شفافة، لكنهم يجتهدون فى إشانتها حتى قبل إلقاء أول ورقة فى أول صندوق انتخابى خارج الحدود يوم الأول من ديسمبر.
عجبًا من العجب العجاب، الانتخابات الرئاسية تحت الإشراف القضائى، والتشكيك على مدار الساعة، ما بالك لو أجريت الانتخابات خارج المظلة القضائية؟!
تخيل ذلك، لكان الإشراف القضائى مطلبًا مُلحًا دونه خَرْطُ القَتاد، ولَعُيّرت الهيئة الوطنية بأنها تعمدت التأخير حذر الإشراف القضائى، وتعمدت إخراج الانتخابات من تحت المظلة القضائية.. وهلمَّ جرا من ترهات سياسية لا تخلو منها جعبة أعداء الدولة المصرية.
الموعد مقرر وفق قاعدة اللزوميات الدستورية، وهى قاعدة تلزمنا جميعًا بالعض بالنواجذ على الإشراف القضائى، فيه ضمانة ونزاهة وشفافية.. وهذا بَيْتُ القصيد كما يقول الشعراء.