مقالات صحفية

الرَكْمَجَة السياسية !!

والحصيف لا يُلدغ من جحر الإخوان مرتين ..

الكاتب الصحفي / حمدي رزق - موقع شعب مصر بقلم الكاتب الصحفي / حمدي رزق

الصلاة خلف «على» أقوم وأتم.. والطعام مع «معاوية» أدسم..
والجلوس فى ظل الجبل أسلم!!
الرَكْمَجَة رياضة ركوب متن الأمواج المتكسرة على الشاطئ بواسطة ألواح خاصة، الموجات المناسبة لهذه الرياضة غالباً ما تكون فى المحيط، ولكن هذا لا يمنع ركوب أمواج البحيرات والأنهار والمسابح أيضًا.
ركوب الأمواج السياسية، ليس كركوب الأمواج الشاطئية، ركوب الأمواج السياسية يحتاج إلى مهارة حقيقية، وتدريب شاق، ودراسة معمقة لحركة التيارات السياسية، أقرب للسباحة فى الغريق، تحتاج دربة خاصة، ومهارات فى السباحة فوق الماء والغطس تحت الماء، وفى الأعماق.
أخيرًا، البعض يستسهل ركوب الأمواج السياسية، يظنها مهمة يسيرة، يركبها بتغريدة، تويتة لا تكلف صاحبها شيئًا يحسب نفسه سياسيًا بلغو الحديث.. ويظن نفسه فارسًا مغوارًا لا يُشق له غبار!!
الرَكْمَجَة السياسية التى ينتهجها نفر من المتزلجين على شواطئنا الهادئة، صارت لافتة، راجع تغريدات نفر من هؤلاء، أقرب لركوب أكتاف الطيبين، ولف رءوسهم بشال حرير ينزلق سريعًا، معلوم اللعب فى الدماغ مثل الزن فى الودان، كلاهما أمرّ من السحر، يغرد على شجر الزقوم بغية استنفار الطيبين ضد الحكومة فى هذا الحر اللافح.
الهواة من السياسيين الجدد، والآخرون المعتزلون لأسباب صحية غالبًا، للأسف يقعون فى المحظور بإرادتهم المرهونة سياسيًا عند الممولين، كما وقعوا سابقًا وأشاعوا الفوضى فى البلاد، والحصيف لا يُلدغ من جحر الإخوان مرتين، يشاركون بتغريداتهم الملغومة إخوان الشيطان فى مخططهم الخبيث لهز الاستقرار عبر قلقلة راحة الطيبين فى قعور بيوتهم.
الناس الطيبة صابرة ومستحملين فدا مصر، وهؤلاء المرفهون على الشواطئ اللازوردية مشمئنطين، يصدرون نقمتهم حممًا لافحة إلى الطيبين، وهم يمارسون ألعابهم المكشوفة، ويكذبون على الناس، متى كانوا من أصحاب القلوب الواجفة على الغلابة، متى كانت مصالح الوطن العليا تمثل لهم همًا بالليل أو بالنهار، كانوا ولا يزالون يختانون الوطن فى المضاجع الإخوانية.
لافت ظهورات هؤلاء بكثافة على شجر تويتر ناعقين كالبوم، معلوم إللى اختشوا ماتوا من الكسوف، ولكن هؤلاء وجوههم مكشوفة لا يختشون، وجوه كالحة ودماء مالحة، لا يظهرون إلا فى مصائب الوطن كالنادبات المستأجرات، يشربون بثمن تغريداتهم لبنًا دافئًا قبل أن يناموا فى فرشهم هانئين.
المنقلبون يتبعهم الغاوون، تشاهد عجبًا من العجب العجاف، وكأنهم يطبقون قول الرجل الذى تواجد فى «معركة صفين» التى وقعت بين الخليفة على ووالى الشام معاوية ابن أبى سفيان، والأخير تمرد وشق عصا الطاعة، الرجل المقصود كان يصلى خلف على عند حلول وقت الصلاة، ويأكل من طعام معاوية وقت الطعام.. ويجلس تحت سفح الجبل عند احتدام القتال بين المعسكرين.. وعندما سُئل عن ما يفعله قال ما معناه «الصلاة خلف على أقوم وأتم والطعام مع معاوية أدسم والجلوس فى ظل الجبل أسلم»!!
هل هناك انتهازيه أكثر من هذا؟!
نعم فيه وأضل، وسترى عجبًا فى شهور نهاية العام، ولا تستغرب، واشتقاقًا من معجم أحاديث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، سيخرج من بين ظهرانينا قوم أحداث الأسنان سفهاء الأحلام، يقولون قول الناس، يقرءون من الكتاب (هنا كتاب الوطن) لا يجاوز تراقيهم، يمرقون عن الواجب الوطنى كما يمرق السهم من الرمية، إذا ثقفتهم كن حذرًا فهم كالثعابين يبخون السم الزعاف.
لا تسل سؤال الطيبين، ما ولاهم عن قبلتهم السياسية.. فى هذا يقال الكثير، ما هو خاص مزعج وما هو عام مؤلم، ولكن المسافة بين الموالاة والرفض ليست حلمًا نقطعه فى ليلة صيف، والطريق من التأييد غير المشروط إلى الرفض العقور لا تقاس بالفيمتو ثانية، ليس هكذا تورد الإبل.
ظاهرة المنقلبين صحفيًا وفضائيًا وإلكترونيًا تستأهل التوقف والتبين، لماذا ينقلب البعض بين عشية وضحاها، تعوزنا الأسباب، وتحوطًا لا نخون أحدًا، بلى، ولكن ليطمئن قلبى، هل كانت الموالاة يقينية نابعة عن إيمان بالمشروع الوطنى أم كانت وقتية مداهنة موالسة مخاتلة؛ بحثًا عن موطئ قدم فى عهد جديد، فلما فاتهم القطار رموه بالحجارة بغية تعطيل المسير، وعرقلة الخطى، وتعويض التقدم إلى الأمام وهم فى حالة حركة فى المحل.
الدولة المصرية بعد سنوات عجاف تعانى وليس فى هذا جديد، والكل يدرك حجم المعاناة، وحجم الخسائر التى مُنيت بها البلاد فى سنوات الفوضى الضاربة، والتدمير الذى لحق بالمؤسسات بفعل الغوغاء يحركهم الإخوان، والكلفة الرهيبة لإقامة عمد الأمن والأمان والاستقرار، وتجاوز مرحلة كئيبة كتبت علينا، وليس خافيًا على عموم المصريين الطيبين الأصلاء، حجم التحدى، وحساسية المرحلة، ومحاولة النهوض بعد سقوط فى براثن جماعة إرهابية كلفتنا ما لا نحتمل من خسارة ولاتزال تتاجر فى الخسارة فى الفسطاط الكبير.
والكل يعلم حجم الكلفة الباهظة التى تكبدتها مصر لأسباب خارجة عن الإرادة الوطنية، سنوات الإرهاب الأسود، تلتها أعوام الوباء الكونى والحرب العالمية الثالثة فى أوكرانيًا، وأزمة الحبوب والزيوت والوقود، كلها نواتج الأزمة العالمية التى نصطلى بنارها منذ بداية العقد الثالث من الألفية الجديدة، ولاتزال تمسك بخناق الاقتصاد الوطني، وتنشب مخالبها فى رقابنا، وتكلفنا مالا يحتمل اقتصاد خرج لتوه من خراب اقتصادى بعد ثورتين وموجة إرهابية سوداء، الأزمة باتت مضاعفة وتحتاج إلى صبر الصابرين وتحملهم الغرم مؤمنين بغد أفضل..
الظاهرة ليست فى تقلب بعض الأقلام والأفواه من الموالاة إلى رفض سياسات وأفكار من هم فى الحكم، هذا طبيعى ويحدث، وهناك تفهم لهذا الحراك السياسى الذى يعقب ثورة عظيمة، لسنا عبيد السمع والطاعة، وليس مطلوبًا منا تقبيل الأيدى، ولكن تحول البعض من التأييد الكامل إلى العداء السافر، خليق بتبين الظاهرة المستجدة والتوقف عند أسبابها، التحولات لا تأتى هكذا فجأة، وتقلب الوجوه لا يجرى هكذا بين عشية وضحاها.
واجب الحيطة والحذر والتفرقة بين ما هو منقلب منفلت اللسان، وبين معارض ثابت المواقف مستقيم اللسان، وحتى المعارضة الوطنية المعتبرة عليها واجب الحذر، فبدون تبصر أو تحقق أو تدقيق قد يحرف الموقف أقلامًا وطنية عن قبلتها، وتصب فى نهر الإخوان المالح.
معلوم السلطة ليست فى حاجة إلى أقلام جديدة، ولكن الوطن فى ظل هذا الظرف العصيب فى شوق إلى كل حرف مغموس فى حبر الوطن، لا يحيد عن قبلته أبدًا، وهناك مساحة تجلى مواقف المعارضين الوطنيين، التى يستحلها المنقلبون ويبرزون كمعارضين وهم ألد الخصام.
ما أخشاه هو ميل البعض للانقلاب والانحراف والانجراف وراء حماسة الفيس وتويتر، لإثبات معارضة، أو شجاعة، أو خروج عن السياق فى سباق لحصد إعجابات أو لتسجيل قراءات أكثر لما يكتب، ويشيرها الإخوان والتابعون تشييرًا.. ربنا ما يوريك شر المؤيدين إذا انقلبوا، فجرًا فى الخصومة.. ألد الخصام، والإخوان هم «ألد الخصام» لهذا الشعب، وفى «ألد الخصام» يقول المولى عز وجل «وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَىٰ مَا فِى قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ» (البقرة/ 204).
مصر تمرض ولا تموت، مصر أقوى من الزمان، ومن رائعة شاعر النيل حافظ إبراهيم «مصر تتحدث عن نفسها»، «أنا إن قدر الإله مماتى لا ترى الشرق يرفع الرأس بعدي»، حنانيكم، لا تشمتوا فى مصر، أزمة وهتعدي، وياما دقت على الرءوس طبول، ومن كلمات إسماعيل الحبروك، وألحان محمد الموجى وبصوت نجاح سلام:
تفوت عليكى المحن
ويمر بيكى الزمان
وانتى أغلى وطن
وانتى أعلى مكان
ومهما كان انتى مصر
وكل خطوة بنصر .

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى