فى مقالته شديدة الأهمية عن التغيير الحادث فى الفكر الاقتصادى العالمى، تحت عنوان لافت «سياسة لا تُسمى… وعالم شديد التغيّر»، فى صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية- يلفتنا الدكتور «محمود محيى الدين»، المبعوث الخاص للأمم المتحدة لأجندة التمويل 2030، إلى ما يمكن أن نسميه، «نهاية عصر النظريات الاقتصادية» التى حكمت التوجهات الاقتصادية العالمية وشكلت تيارات فكرية تبعتها مدارس اقتصادية حول العالم، نال بعضها نجاحا مستحقا وفق تطبيق رشيد، والتجارب ماثلة حول العالم.
ينتهى الدكتور محمود فى مقالته المهمة إلى أن دراسة مشتركة اعتمدت على مسح تطبيقى، تشير إلى تراجع أهمية المذاهب الاقتصادية، كالرأسمالية والاشتراكية، وما بينهما من مدارس اقتصادية، فى تشكيل أولويات السياسات العامة وطرق تحقيقها.
يقول نصا: «نحن عالم يطبّق براجماتية القط الأسود والقط الأبيض؛ ووفقاً لمقولة الزعيم الصينى (دينغ جياو بينغ) بأنه (لا يهم لون القط ما دام يُصيد الفئران)!!.
فى الحالة المصرية، ومنذ انفتاح الرئيس السادات ونحن نبحث لون القط، ولا نحفل كونه يصيد الفئران، شغلنا لون القط، إن القطط تشابهت علينا، لأن وجوه القطط تتشابه، والفئران تتكاثر تنهب الأرض من تحت أقدامنا ونحن عنها غافلون.
فريق يراها سوداء، وفريق يراها بيضاء، وبين الأسود والأبيض تراوح بلادنا مكانها اقتصاديا لا تغادره، وكأنه مكتوب علينا العيش فى زمن الأبيض والأسود، والعالم ذهب بعيدًا إلى ألوان قوس قزح!.
نعم، لا يهم لون القط طالما يصيد الفئران.
مهم الاقتصاد الوطنى يصيد الفرص السانحة، ويركز فى انتهاز الفرصة، البراجماتية لفظ بغيض أخلاقيا، ولكن اقتصاديا مهضوم، الاقتصاد البراجماتى اقتصاد واقعى، يعرف من أين تؤكل الكتف؟!.
مهم تحديد الهدف النهائى بوضوح، هدف محدد، مثلا 100 مليار دولار تصديرًا، هدف محدد وواضح، مهم السياسات التمويلية التحفيزية وصولا لتحقيق الهدف، لا نتحدث عن الصعود إلى القمر، فحسب 100 مليار دولار تصديرًا، حققنا منها ما يزيد على 44 مليارا، وهل من مزيد؟!.
البراجماتية تقتضى الرعاية الحكومية لكل مصدر، وتلبية حاجات المصدرين، تتصدر الأجندة الوطنية، أولوية أولى، ورعاية المنتج التصديرى واجب مستوجب.
الولايات المتحدة تطبق البراجماتية كما جاءت فى الكتاب، (كما يقول دكتور محمود)، مثلا فى مجال أشباه الموصلات بعد اعتماد صناعتها على استيراد (90 فى المائة) من احتياجاتها من «تايوان»، وجهت لهذه الصناعة دعماً يبلغ (39 مليار دولار) من جملة دعم مالى وفّره قانون أقرّه الكونجرس الأمريكى بتحفيز مالى بمقدار (280 مليار دولار) لهذه الصناعات ومثيلاتها التى تعتمد على البحث والتطوير ومشاركة الاستثمارات الخاصة، والتى ستكون محظورا عليها المشاركة فى تطوير هذه الصناعات فى «الصين» لمدة 10 سنوات.
لن أعدد الفرص التصديرية المتاحة عالميا (أقله فى دول الجوار الإفريقى والعربى والشرق أوسطى ناهيك عن أوروبا وأمريكا) لكن ماذا نصدّر تحديدا، سمعت من الدكتور «حازم الببلاوى» رئيس الوزراء الأسبق قولا سديدا، فيما معناه «مستوجب التركيز على قطاع أو قطاعين، ثلاثة بالكثير، موجهة للتصدير»، ونغدق عليها حوافز تصديرية، ونمكن مصدريها من إنجاز فروضهم التصديرية على وقتها، ساعتها نضع قدما وراء قدم صعودا إلى سطح القمر.