مقالات صحفية

جماعة البطيخ المثلج !!

الكاتب الصحفي / حمدي رزق - موقع شعب مصر بقلم الكاتب الصحفي / حمدي رزق

فى مساءات الصيف المنعشة، يقينًا يراجعون حساباتهم الآن، ويترحمون على أيام الشتوية، ويستعيدون مع جارة القمر «فيروز» أغنيتها الشهيرة «رجعت الشتوية.. رجعت الشتوية.. ضل افتكر فىَّ، ضل افتكر فىَّ.. رجعت الشتوية«

كشفت الهيئة العامة للأرصاد الجوية عن حالة الأجواء المتوقعة خلال شهر يوليو، نار يا حبيبى نار، تتعرض البلاد لموجة شديدة الحرارة بسبب امتداد واستدامة «منخفض الهند الموسمى«.

تعريفًا، هو منخفض حرارى ضخم يؤثر على ثلاث قارات (آسيا وإفريقيا وأوروبا)، ويبدأ فى التشكل على الأراضى الهندية بداية من شهر إبريل من كل عام، ثم يتعاظم تأثيره فى شهرى يونيو ويوليو ويهب على مساحة شاسعة من شبه الجزيرة العربية ويصل إلى بلاد الشام وتركيا ومصر، ما يرفع الحرارة إلى ما فوق 50 درجة!!.

مثلى، وكثيرون، لا نحمل ودًّا للصيف، وكان طيب الذكر الشاعر الجميل «مأمون الشناوى» يفضل الشتاء، تفصح عنه أبيات مقفاة من أغنيته الذائعة «الربيع»، التى تغنى بها الموسيقار الكبير «فريد الأطرش»، وكما يقولون المعنى فى بطن الشاعر والأسباب أيضًا. يقول، فى مناجاة مغناة: «لمين بتضحك يا صيف لياليك وأيامك/ كان لى فى عهدك أليف عهدنى قدامك/ وكان لى فى قلبه طيف يخطر فى أحلامك/ من يوم ما فاتنى وراح، شدو البلابل نواح/ والورد لون الجراح، والورد لون الجراح..«.

هرمنا على قاعدة مناخية راسخة رسوخ الجبال الرواسى، فى وصف الحالة المناخية المصرية تقول: «حار جاف صيفًا دافئ ممطر شتاء»، يقينًا باتت ماضيًا، وبالأحرى باتت اختصارًا مُخِلًّا لطقس مختل، قاعدة أطاح بها صيف هذا العام، الذى جاء ساخنًا يشوى الوجوه، يذوب من صهده عين القطر «النحاس»، تحس باحتياج عارم لفتح باب الثلاجة طويلًا.

حتمًا ولابد من وصف جديد لمناخ مصر، بات ضروريًّا ومستوجبًا، ليس من قبيل رفاهية المتفكهين، أو من قبيل اللغو غير السياسى، أو ملء مساءات الخواء على المقاهى، أو تزجية فراغ ناس فاضية.

رسم الخريطة المناخية الجديدة يترجم إلى رسم الخريطة الزراعية الجديدة، تقلبات المناخ بلبلت الفلاحين، وأطارت صوابهم، ولخبطت ثوابتهم، وزعزعت قوانينهم الزراعية، فلم يعودوا يميزون بين مسرى وبرمهات (من أسماء الشهور القبطية التى تنظم الزراع ) ..

الثابت يقينًا والصهد يلفح الوجوه أن المناخ المصرى تقلب تمامًا، صار متقلبًا، مزاجه متعكر، وأرجو ألّا يستنيم خبراء الأرصاد طويلًا على قاعدة حار جاف صيفًا دافئ ممطر شتاءً، لا يودون المساس بها وكأنها من الثوابت المرعية، مع أن العالم بأسره يغير قواعده المناخية.

لسنا استثناء، ويستوجب أن نذهب سريعًا إلى قراءة جديدة لمؤشرات المناخ المصرى خلال العقد الأخير على أقل تقدير، هذا من قبيل الأمن القومى، الذى يرتهن بالأمن الغذائى، فضلًا عن معايش الناس، وطبيعة اللباس، وشيوع الأمراض، ومتوالية الأوبئة القادمة من خارج الحدود فى بلد تلفه صحراوات قاحلة ذات مناخ قارى.

القاعدة الشعبية السارية بين الناس، جو خانق صيفًا، إذا جاز هذا الوصف مناخيًّا، القاعدة القديمة حار جاف صيفًا، اسْتَنّها علماء، وتغييرها سيقوم عليه علماء، لا هى معادلة مقدسة ولا اكتسبت قداسة، عفوًا هنا لا نتحدث عن صحيح البخارى، نتحدث عن صحيح المناخى، ولم يكتسب قداسة بعد .

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى