في ركنها البعيد الهادى تمضى الفنانة الكبيرة «أنغام» أيامها بعيدا عن الصخب، كافية خيرها شرها، لم تؤذ أحدا، ولم تبتدر أحدا بعداء، حتى إنها لا تتحدث كثيرا اتقاء زلات اللسان، معلوم الناس واقفة في الفضاء الإلكترونى متحفزة للفنانين، ع الواحدة، تعد عليهم أنفاسهم شهيقا وزفيرا .
الكبيرة ظهورها نادر، بالكاد نراها كل حين، فإذا ظهرت لتغنى، تعقبتها كائنات الفضاء الإلكترونى الشريرة بالشائعات، ومطلوب منها أن تخرج عليهم ببيان، وتمد النار المشتعلة بوقود يحرق وجهها الصبوح .
.
مثلها، مثل أنغام، تعتقد في قول الحكيم «اصبر على كيد الحسود فإن صبرك قاتله، فالنار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله»، ونار الفضاء الإلكترونى لا تعرف لها مصدرا تحاسبه أو تلومه، الشائعة كالصخرة تنسل من فضاء مجهول تصيب رأسك، فتدور بك الأرض إذ فجأة.
أكتبها متعاطفا مع الفنانة الكبيرة «أنغام» التي صارت حديث الفضاء الإلكترونى، ومحور محركات البحث على جوجل والمحركات الشقيقة، منذ ظهرت على مسرح هيئة الترفيه في جدة، وتتعقبها الشائعات العقورة، تسلقها بألسنة حداد، وكأنها بصوتها أيقظت كل الكائنات الشريرة في المجرة.
مسك سيرة، تقطيع في لحمها، تمزيق ملابسها، سلخ وجهها، كل ذنبها أنها غنت مجددا فأطربت.. وتألقت في حشمة ووقار، عقاب فورى قبل أن يرتد طرفها، راجعة تغنى تانى.. طيب شوفى اللى هيجرى لك!!.
حرق النجوم في المجرة الفضائية طقس معتمد، حرق جواهر تاج الفن المصرى تحديدا، وهكذا نحط عليهم حطة رجل واحد، فيتفرق دمها (دم أنغام) على وسائل التواصل الاجتماعى بمفرداتها فيس وتويتر وإنستجرام وشقيقاتها، وكله يغرد ويفسفس ويخوض في عرضها دون ذنب ولا جريرة، فقط عادت لتغنى، إذن حق عليها العذاب.
الفنانون إزاء الشائعات نوعان، نوع يواجه، وينزل الساحة فاتحا صدره، مشمرا عن ساعديه وساقيه، لا يخشى يللا، والكلمة بعشرة، والصاع بصاع أو بصاعين، يخوض معارك مع كائنات خفية لا ترى بالعين المجردة، تظهر كأشباح سينما الرعب الأمريكية..
ونوع مسالم من الفنانين، على طريقة أنغام، يحزن، يكتئب، يلوذ بالصمت، يبتعد بمسافة كافية في الركن البعيد للحفاظ على توازنه النفسى، ملتحفا بقول سديد «كل هذا العالم من حولى لا أحد»، ويجلس في بيته معززا مكرما، لا يعرض نفسه وبيته لكائنات الفضاء المتحورة، صعب تتوقى نفايات الفضاء الإلكترونى، حتما ستغرق ملابسك بوسخ الكلام.
أنغام اتجوزت.. لا.. اطلقت.. كل يوم بحكاية، وكل يوم برواية، استباحة فظيعة لخصوصيات البشر، يدخلون عليهم غرف النوم، ويفتشون في صناديقهم الخاصة بحثا عن «سر خاص» يفضحونه، تلوكه الألسنة، دون اعتبار للحق في الخصوصية، والخصوصية للأسف صارت بضاعة قديمة، سلم لى على الخصوصية.
ومثل أنغام تبيت مغلوبة على أمرها، لو نفت زيجتها الافتراضية، إذن نفى النفى إثبات، وإذا قالت محصلش، يبقى حصل، وحصل وحصل، وكأنهم شهود على العقد وحضروا حفل الزفاف، وهكذا يدخل الفنان رغم أنفه دائرة مغلقة، تضغط أعصابه، وتكتم أنفاسه، يكاد يختنق من ثقل دم الدخلاء، فيعتزل الفضاء العام .