مثل لاتينى يقول «قيمة الهدية فى توقيتها»، وقيمة هدية البابا تواضروس الثانى، بابا الكنيسة القبطية الأرثوذكسية لأخيه قداسة البابا فرنسيس بابا الڤاتيكان، فضلا عن قيمتها الروحية، على وقتها كما يقولون.
هدية البابا تواضروس القيّمة، صندوق يحوى أجزاء من ملابس شهداء الأقباط الـ 21 المحفوظ رفاتهم ومتعلقاتهم فى كاتدرائية «شهداء الإيمان» فى قرية «العور» بإيبارشية «سمالوط»، مع ثلاثة أربطة من التى رُبِطَت أيديهم بها وقت استشهادهم ذبحًا (وهم يصلون) على خليج «سرت» الليبية.
الهدية بمثابة إعلان الكنيسة الأرثودكسية فى قلب الفاتيكان عن عظم تضحيات الشعب المصرى فى مواجهة الإرهاب، أرواح «شهداء الإيمان» تطل حية تذكر العالم بهول المعركة التى خاضتها مصر بلد (الإيمان والشهداء) فى مواجهة إرهاب أسود لم يستثن أحدا.
الهدية كانت استثنائية، وقبلها البابا فرنسيس بقبول حسن، وأعلن على العالم اعتراف الكنيسة الكاثوليكية بشهداء الأقباط الأرثوذكس، شهداءً فى الكنيسة، ووعد بإقامة مذبح باسمهم لاحقا.
اعتراف بابا الفاتيكان بشهداء الكنيسة الأرثوذكسية حدث لو تعلمون عظيم، يرسّمهم شهداء فى أعين العالم بعد أن رسّمتهم الكنيسة المصرية شهداء فى أعين المصريين، ويا لها من منزلة رفيعة نالها شهداء العور الذين غدر بهم الإرهابيون فى مشهد حزين محفوظ على «يوتيوب» للأجيال.
البابا تواضروس لم يفوّت مناسبة زيارته التاريخية إلى الفاتيكان، ليذكّر العالم بقصة الشهداء العظام، وبالثمن الذى دفعته غاليا الكنيسة والشعب القبطى فى قلب الشعب المصرى من أرواح الأبرياء.
يذكّر بابا مصر العظيم العالم بالمأساة الإنسانية التى فطرت القلوب جميعا، وكأن قداسته يعيش لحظاتها القاسية مجددا وهو يروى بدموعه قصة الشهداء.
يقول قداسته مفطورا: «علمنا فى مصر باستشهادهم يوم 15 فبراير 2015، وكان وقتها خبرا مؤلما لكل المصريين، يومها زارنا الرئيس السيسى فى الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، وقامت القوات المسلحة العظيمة بغارات مكثفة على هؤلاء الإرهابيين، وبقينا 3 سنوات لا نعلم عنهم شيئا.
وفى فبراير 2018 علمنا مكان دفنهم، وتم عمل تحاليل الـ DNA بين أهل الشهداء والشهداء، وعاد الرفات إلى القاهرة، وذهبت ومعى عدد كبير من الآباء إلى مطار القاهرة لاستقبالهم، ونقلوا إلى قريتهم حيث تم بناء كنيسة لهم فى قرية «العور» فى صعيد مصر.
كنيسة العور تضم اليوم رفاتهم وكل متعلقاتهم، ونحن فى المجمع المقدس قررنا أن يكون هناك يوم عيد لشهداء العصر الحديث، يوم ١٥ من فبراير، اليوم الذى عرفنا فيه استشهاد أبنائنا بليبيا».
بركة من البابا تواضروس، أول مرة تقدم الكنيسة الأرثوذكسية جزءًا من متعلقات الشهداء خارج مصر، ونؤمن أنهم قدموا لنا بركة كبيرة جدًا.
الكنيسة الكاثوليكيّة تكرمهم اليوم كما كرمتهم الكنيسة القبطية أمس، الشهداء قدموا الإيمان بالجهاد الروحى والدموع بالصلوات الحارة والدم خلال الاستشهاد.
يقول البابا تواضروس للعالم: «أرادوا أن يصوروا مشهد القتل بهذه البشاعة ليكون لهذا أثر سلبى على نفسية المصريين، ويؤثر على الوحدة الوطنية، ولكن حكمة الله تجلت، استخدم الله هذا المشهد للخير، فكان هذا الفيديو أكبر كرازة للمسيح، وصارت قصة صادقة حول العالم وصاروا شفعاء».