« ونحن نرى أننا إذا أردنا أن نُناقشَ هذا الأمر، ونصل فيه إلى رأى جديد شرعًا ؛ فإنَّه لا مفرَّ لنا من عقدِ مؤتمرٍ عالمىٍّ جامع، يضمُّ علماء متخصصين ممثلين لدول العالم الإسلامى، يجتمعون فيه ويناقِشون وينتهون إلى رأىٍ يصبح هو الرأى المعتمد بالإجماع أو الأغلبية، إذْ من المعلوم أن ما ثبت بالإجماع لا يتغيَّر إلَّا بإجماعٍ مُماثل».
هذا ما انتهى إليه الإمام الأكبر، الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر في قضية وقوع «الطلاق الشفوى»، خلال تقديمه برنامج «الإمام الطيب»، المُذاع عبر فضائية «CBC».
مادام «ما ثبت بالإجماع لا يتغيَّر إلَّا بإجماعٍ مُماثل»، فلينفر مولانا الطيب من فوره إلى الدعوة لهذا المؤتمر العالمى تحت مظلة المشيخة الأزهرية العريقة بحثًا عن إجماع مماثل لما أجمع عليه جمهور العلماء من وقوع الطلاق الشفوى دون توثيق، ما يتسبب في مَآسٍ تعانيها المطلقة، وتَشِى بها ملفات الطلاق في محاكم الأسرة.
مولانا الطيب، ربما لأول مرة، يتعرض لهذه القضية الشائكة بهذا الطرح، الذي يُغلِّب الإجماع على ما سواه، ويعلق على بيان «هيئة كِبار العُلماء» الشهير، الذي رفض تعليق الطلاق على توثيقه.
ويفسر البيان، الذي التبس على العامة في الطرقات مع شبهة سياسية طالت حروفه.
فضيلته يفسر البيان إيجابيًّا، وهذا من حسن المقال، يقول مولانا: «خُلاصَة الأمر أنَّ هيئة كِبار العُلماء تُشجع على توثيق الطَّلاق، وتُطالب بسَنِّ قانون يُلزم الزوج بالتوثيق».
ولكن، (وهنا بيت القصيد)، لا تستطيع الهيئة أن تفتى بأن الطَّلاق المستوفى للشروط إذا صدر من الزوج بدون إشهاد أو توثيق لا يقع، وكأنَّه لم يكن، بل ترى أن هذا الرأى مخالف لما استقرَّ عليه جمهور فقهاء أهل السُّنَّة، بل جمهور المسلمين، وأنَّ مذاهب الفقه التي يجرى عليها العمل في أقطار أهل السُّنَّة، والتى تُدرَّس في الأزهر منذ أكثر من ألف عام وحتى اليوم، ليس فيها هذا الرأى.
وستظل قضية توثيق الطلاق الشفوى تؤرق الحادبين على تماسك الأسرة المسلمة حتى يحدث الإجماع الذي يرنو إليه فضيلته، وأرجوه ألّا يتأخر كثيرًا عن غوث آلاف الزوجات المطلقات، السيدة منهن باتت كـ«البيت الوقف»، مطلقة مع إيقاف التنفيذ لحين توثيق الطلاق، وربما تمضى زمنًا حتى تتحصّل على حقوقها الشرعية التي قررها القانون.
الإجماع الذي يشير إليه مولانا أوقع ضررًا بالزوجات، لو أن الطلاق كان موثقًا لكان كل زوج قد راجع نفسه، وراجع طلاقه الشفوى على المأذون، ولربما راجعه المأذون في أحواله التي أفضت إلى التلفظ بالطلاق، فيثوب إلى رشده ويحفظ بيته من الانهيار، ولاسيما لو كان بينهما أولاد، التوثيق يحميهم من مغبة الطلاق الشفوى (تسرعًا أو في فورة غضب).
الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية، صرح مرارًا وتكرارًا، وفى احتفالية «يوم المرأة العالمى»، في حضرة الرئيس، بأن ما يقع فعليًّا من الطلاقات الشفوية النزر اليسير، وعليه مستوجب توثيق الطلاق، ما يحفظ الأسرة من مغبة الطلاقات التي تطلق على طول الذراع.
ونختم بقول الإمام الأكبر: «إنَّ هيئة كِبار العُلماء تُشجِّع على توثيق الطَّلاق، وتُطالب بسَنِّ قانون يُلزم الزوج بالتوثيق»، وترجمته أن توثيق الطلاق مطلب من قِبَل هيئة كبار العلماء، فلماذا لا يأخذ فضيلته بناصية الأمر، ويجتهد وهيئة كبار العلماء في إعداد مشروع قانون لتوثيق الطلاق يدفع به إلى الحكومة لتقترحه على مجلس النواب لنحسم قضية تقض مضاجع الأسر المصرية. فضيلة الإمام الأكبر.. خذ الكتاب بقوة.