لأبو ضحكة جنان، طيب الذكر إسماعيل ياسين منولوج لطيف من كلمات عبقرى زمانه “ أبو السعود الابيارى” يقول :
“كلنا عاوزين سعادة
بس ايه هي السعادة
و لا ايه معنى السعادة
قوللي يا صاحب السعادة
قوللي .. قوللي” .
و للعندليب الأسمر ” عبد الحليم حافظ ” أغنية رائقة عنوانها (على حسب وداد قلبى) تقول كلماتها من تأليف طيب الذكر “صلاح أبو سالم”
“لا هاسلم بالمكتوب و لا هارضى أبات مغلوب
و هاقول للدنيا يا دنيا انا راجع انا راجع انا راجع للمحبوب
و نغني أغاني جديده مليانه حكاوي سعيده
وهانغزل توب الفرحه يا بويا و هاقول يا حبيبي سلامات” .
أعلاه دعوة للسعادة فى زمن شحت فيه الفرحة فى الأسواق، تجار السعادة بارت بضاعتهم، وفى فيلم “أرض النفاق” طلب الجميل ” فؤاد المهندس “مسعود أبو السعد” من تاجر الأخلاق، ” عبد الرحيم الزرقاني ” كل ما يتمناه لجلب السعادة ، لكنه بات حزينا محسورا.. لأنه لم يشتر بعض السعادة الحقيقية النابعة من القلب الطيب .
السعادة شعور عزيز، نادرا ما تبان سعيد، أندر ما في الوجود، فإذا فاتتك السعادة، فقل الحمد لله على الصحة والستر، الحمد لله فى السراء والضراء وحين البأس، الحمد لله يديمها نعمة ويحفظها من الزوال، وقبلة على ظهر وبطن الكف الشقيانة..
الرضا اكتفاء بالموجود مع ترك الشوق للمفقود، والسعيد من التمس أسباب الرضا والقناعة حيثما كان، فألتمسوا أسباب السعادة في حياتكم، لا تفوتوا لحظة رضا دون حمد.. الحمد لله كثيرا ..
الأمن والأمان نعمة، والصحة نعمة، والستر نعمة، والنعم ثلاث: نعمة حاصلة يعلم بها العبد، ونعمة منتظرة يرجوها ، ونعمة هو فيها لا يشعر بها، والأخيرة مستوجب استشعارها، ونحمد الله عليها، واستشعارها بالرضى بالمقسوم، والنعم تمحق النقم ، والرضى من القناعة، والقناعة طريقها الحمد، ولو تعرفون سر الحمد، لكان الحمد عنوانا ..
قلب وجهك حولك، سترى عجبا، المفطورون على الحمد تعمهم السعادة، وسرهم الباطنى “القناعة كنز لا يفنى” والقناعة صنو الطموح، لا تعارض بينهما، والقناعة طريق معبد للنجاح، والنجاح بالتوفيق بعد الجهد والســـعي والاتقان، وما توفيقي إلا بالله .
يقول الإمام على رضى الله عنه: “إذا أردت أن تعرف نعمة الله عليك، فأغمض عينيك”، والحكيمة ” هيلين كيلر ” تقول، “بكيت لأنني لا أملك حذاء، حتى اليوم الذي رأيت شخصا لا يملك قدمين”، وللروائي الكبير ” باولو كويليو ” قولا حكيما “النعمة التي يتم تجاهلها تصبح نقمة”، ولشاعر العرب الكبير ” أبو الطيب المتنبي ” قولا عميقا، “ينعم الله بالبلوى وإن عظمت.. ويبتلي الله بعض القوم بالنعم” .
لماذا حديث النعمة والحمد جلبًا للسعادة ، لأن البعض بات ضجرا، جاحدا بنعمة الله، وكما قال أديب نوبل العظيم نجيب محفوظ “الجحود بالنعمة احيانا يرتدى ثوب الضجر”، وضَجِرَ فى المعجم، شعَر بكَلَل وفَراغ من جَرَّاء التَّعطُّل أو إِشغال الفِكْر بما لا لَذَّةَ ولا فائِدةَ ولا خَيْرَ فيه، ومن حِكَم أبي عبد الله (الشيعي) “لا تكن ضجراً ولا غلقاً، وذلّل نفسك باحتمال مَنْ خالفك ممّن هو فوقك، ومَنْ له الفضل عليك. فإنّما أقررت له بفضله لئلاّ تخالفه”.
ومن الكتاب الكريم، “فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَىٰ وَهُوَ مَكْظُومٌ” (القلم : ٤٨ )، وفى التفسير (فاصبر لحكم ربك) اصبر على أذاهم لقضاء ربك (ولا تكن) في الضجر والعجلة (كصاحب الحوت) وهو يونس بن متى (إذ نادى) ربه (في) بطن الحوت (وهو مكظوم) مملوء غما .
وعن الغم الذى هو من الحزن .
يقول حكيم “إنك لا تستطيع أن تمنع طيور الحزن من أن تحلق فوق رأسك، ولكنك تستطيع أن تمنعها من أن تعشش في شعرك”، عالج الحزن باستدعاء لحظات السعادة والهناء، ولا يستغرقك غم، ونظر ” زين العابدين ” رحمه الله إلى سائل يبكي فقال: “لو أن الدنيا كانت في يد هذا ثم سقطت منه ما كان ينبغي أن يبكي عليها” ..
يسمونه البكاء على اللبن المسكوب، لاتبكى على اللبن المسكوب، لا تحزن على ما مر، وتطلع إلى صفحة السماء طلبا للكرم الإلهي، وقد حكى ابن العربي ، رحمه الله ، ستة عشر قولاً في معنى اسم الله الكريم، منها الذي يعطي بلا عوضٍ، والذي يعطي دون سببٍ، ومنها أنّه الذي يعطي المحتاجين وغير المحتاجين، ومنها الذي يعطي قبل أن يُسأل أو يُطلب منه، ومنها أنّه الذي لا يترك من توسّل إليه، فيظهر من ذلك أنّ الله -سبحانه- كثير الخير والكرم على عباده لعموم قدرته، وسعة عطائه، قال الله تعالى في القرآن الكريم: “وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ” ( الحجر / ٢١ ) .