العفو الرئاسى عن (٨٥) من الغارمين والغارمات قبيل الشهر الكريم من قبيل الكرم، وإعانتهم معيشيًا ما يكفل حياة كريمة من الطيبات التى تمخض عنها الاحتفال الوطنى بيوم المرأة المصرية تحت عنوان « المرأة المصرية.. إرادة حياة ».
لافت الغبطة بقرار العفو على وسائل الاجتماعى، تفاعلًا مع العطفة الرئاسية، ولكن الغبطة لا تمنع سؤالًا حول استدامة هذه الظاهرة الكريهة التى تؤرق الضمائر وتورث الحزن.. بحث حالة قضايا الغارمات تشى بالكثير، أغلبهن سُجنّ لتعثر فى سداد شيكات وكمبيالات حررنها ووقعنها وبصمن عليها، يتحملن ما لا طاقة لهن به من أجل سترة البنات وجهازهن، وفى الأخير يذهبن وراء القضبان تسح دموعهن، تقطع نياط القلوب فى انتظار قرار بالعفو أو سداد المديونيات من قبل أصحاب القلوب الرحيمة وأهل الكرم.
المفروض بعد العفو الرئاسى تنتهى إلى غير رجعة هذه الظاهرة الحزينة.. ولكن للأسف الظاهرة تتجدد، ورغم الجهود الخيرية من قبل الدولة والجمعيات لسداد ديون الغارمات قبلا وعلى سنوات، إلا أن الظاهرة مستمرة، وهناك غارمات جدد يقعن فى الشَّرَك المنصوب.
الغارمات باتت ظاهرة مجتمعية مرضية، مرض مزمن من الأمراض الاجتماعية السارية تستوجب تشخيصا اجتماعيا يوفر علاجا ناجعا، الظاهرة خرجت عن طورها الإنسانى إلى أطوار أخرى، ودخلت إلى فضاءات إلكترونية واحتلت مساحات مجتمعية، هناك متبضعون متمرسون على اهتبال الظاهرة المؤرقة لخلخلة البنيان الاجتماعى.
قبل الغبطة بالعفو الرئاسى نُذكّر، فإن الذكرى تنفع المهتمين بهذه القضية الحساسة، نُذكر بالمبادرة الرئاسية الكريمة لسداد ديون الغارمين والغارمات، وهم المحبوسون بسبب دين تعثروا فى سداده نتيجة للظروف الاقتصادية، ووجه الرئيس صندوق «تحيا مصر» أن يتعاون مع مؤسسة «مصر الخير» لسداد ديون الغارمين والغارمات من أجل مشروع «مصر بلا غارمين».. بالفعل تم سداد ديون بعض من الغارمين والغارمات بإجمالى مبلغ ١٢.٢٦١.٦٠٢ مليون جنيه لفك كرب عدد ١٠٠٠ حالة، كمرحلة أولى.
فقط، هذا عن الإسهام الرئاسى، فضلا عن إسهامات مقدرة للجمعيات والمنظمات الخيرية والمجلس القومى للمرأة، وكلٌّ يملك كشف حساب خاصا بالغارمات، ونُذكر بمبادرة ضباط الشرطة عام ٢٠١٥ فى جمع زكاة عدد كبير من قطاع الشرطة ومساعدة (٤١) من بين الغارمين والغارمات فى سداد ديونهم وخروجهم من السجن وقضاء عيد الفطر مع ذويهم آنذاك.
مقصدى أن هناك جهودا متواصلة لتحقيق الهدف الرئاسى : مصر بلا غارمين، ولكنّ هناك سقوطا متواليا لغارمات وغارمين جدد فى الفخ المنصوب، تخرج من السجون زرافات من الغارمات، لتدخل أخريات.. داخل خارج، لا الظاهرة تنحسر ولا السداد كافٍ، وكأن هناك من استمرأَ ويستمرئ الظاهرة، بعض العاملين عليها أحيانا أُس البلاء والبلايا والبلاوى، وهؤلاء يجولون فى الأرياف لاصطياد الغارمات بالكمبيالات تحت وطأة الحاجة.
بلاها الديون التى تُدخل السجون، ومستوجب التصرفات المالية الرشيدة، ليس هناك داعٍ للاستدانة بهذه المبالغ الرهيبة دون قدرة على السداد، التضحية من أجل سترة البنات لا تصل إلى حد سجن الأمهات.. نجهز البنت على القد، ونكمل فى المستقبل.. السجن سجن ولو كان جنة.. كيف ترضون على أمهاتكم دخول السجن لتدخلوا أنتم قفص الزوجية؟!.