Uncategorizedمقالات صحفية

رحل الشريف شريف إسماعيل ..

الكاتب الصحفي / حمدي رزق - موقع شعب مصر بقلم الكاتب الصحفي / حمدي رزق

مس نعى الرئيس قلوب الطيبين، نعى من فوره رجلا فاضلا شريفا، من رجال الأدب العالى، أدبه كان يخجل منه الأدب، فإذا تحدث تخرج منه الكلمات مفعمة بالرقى الإنسانى، وإذا حاورته يسكنك الهدوء، فتخرج من مكتبه راضيا بنصيبك من الدفء الأبوى.

كل من اقترب من طيب الذكر المهندس «شريف إسماعيل»، يرحمه الله، نال من محبته قسطا، كان ودودا، حتى وهو يعلق بكلمة أو بكلمتين على مقال أو تعليق، مهما كانت قسوته، تسبقه ابتسامة حانية ترطب الأجواء.

لا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذوو فضل، وصفه الرئيس بما يستحق: «أنعى بخالص الحزن والأسى رجلًا فاضلًا من خير رجال مصر، رجلًا تجسد فيه ضمير هذه الأمة»، وفاضلا تترجم معجميا، أكْثَرُهُمْ فَضْلًا، أَى مُتَّصِف بِالفَضِيلَةِ، والفَضْلُ: الإحسانُ ابتداءً بلا علّة، بلا غرض، جُل عمره أنفقه فيما ينفع الناس، وحمل الأمانة، وأدى الأمانة إلى أهلها.

وكما قال الرئيس «إن الراحل كان رجلًا عظيمًا بحق، تحمل المسؤولية في أصعب الظروف وأحلك الأوقات، وكان على قدر المسؤولية الصعبة»..

أصاب الرئيس وصفا، شريف إسماعيل رجل عظيم، بكل معانى العظمة، وعَظِيمٌ بمعنى هَائِل، فَخْم، رئيس وزراء من الوزن الثقيل، فكرا وتنفيذا، يكفيه الاستكشافات الغازية التي تمخضت عن رسم الحدود الدولية، فأتاحت لمصر ثروتها في أعماق المتوسط، جزاه الله خيرًا هو تعبير بليغ لمن أدى إلينا معروفًا، دلالة على الشكر، والدعاء له بأحسن الجزاء.

وصفته محتدا محتجا في مقال عنونته بـ«شريف باشا» فطلب اللقاء، فذهبت إلى مكتبه البسيط، ابتدرنى مبتسما، شريف إسماعيل، مصرى من عموم المصريين، خادم لهذا الوطن، لست باشا، الباشوية اتلغت يا حمدى بك، وكأنه يلومنى على اللقب (الباشا)، بلقب (البيك)، وتضاحكنا سويا.

وفتح أجندته الشهيرة، وشرح منها ما خفى عنى دون أن أشعر بتلويم، كان يفتتح كلامه، عندك حق.. ولكن، وينداح مدللا بحجج، وكل هنيهة يرجع إلى «أجندته» التي يدون فيها ملاحظاته بخط منمق، سميتها «أجندة شريف» لا تغادر صغيرة ولا كبيرة من الأفكار والأرقام، ما كان ليفوت رقما أو فكرة تسهم في بناء الوطن.

صح قول الرئيس واغبطه عليه، «لم أر من الراحل العظيم إلا كل تجرد وإخلاص وأمانة ورغبة في العطاء، مترفعًا عن كل المكاسب، لا يبتغى أي شىء إلا مصلحة وطنه وشعبه».

التجرد عنوانه، ترفُّع عن كُلِّ مَصْلحة شَخْصيَّة.

«تصرَّف دوما بتجرُّد»، والإخلاص والرغبة في العطاء، مفطور على العمل الشاق منذ كان مهندسا في حقول البترول في الصحراء الموحشة.

معطاء حتى النفس الأخير، ولما ثقل عليه مرضه، لم يطلب الراحة، بل عالج مرضه العضال بعمله المتفانى، لم يركن لراحة قط، ولم يطلب وقتا مستقطعا، حتى استراحة محارب لم يطلبها، ظل يلبى نداء الوطن حتى لقى ربه راضيا مرضيا.

ما تيسر من سيرة الشريف شريف إسماعيل لا تسعه سطور عزاء، مثله يظل حيا بسيرته العطرة في ضمير الأمة المصرية، نفقد جواهر التاج تباعا، ثلة من المخلصين، لكن إخلاصهم وتفانيهم يسرى في النفوس كإكسير حياة.

الله يرحمك يا من أحببت وطنك وشعبك فأحبوك وشيعوك بالدموع.. جنة الخلد إن شاء الله أرحم الراحمين.. الفاتحة لروحه الطيبة، «فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ» (الواقعة ٨٩).

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى