مقالات صحفية

دورة فى ترسٍ يطحنه !!

الكاتب الصحفي / حمدي رزق - موقع شعب مصر بقلم الكاتب الصحفي / حمدي رزق

«مَن يهاجم العلماء إنما هو مجرد دورة فى ترسٍ يطحنه ويطحن التاريخ أمثاله، فلا يفوز بشىء غير إثارة غضب تلامذة العلم ومحبى العلماء».. (من خطبة الجمعة بالأزهر الشريف).

منبر جامع الأزهر الشريف عالى المقام، سامق، ومَن يركب هذا المنبر العالى عليه أن يستبطن رسالته، وينزهه عن الجدل والجدال، ولا يزج بهذا المنبر فى سياقات تثير نزاعات أو فرقة وتفرقة.

الدكتور إبراهيم الهدهد، رئيس جامعة الأزهر الأسبق - موقع شعب مصر
الدكتور إبراهيم الهدهد، رئيس جامعة الأزهر الأسبق

استنكفت من خطيب الجمعة الماضية، الدكتور إبراهيم الهدهد، رئيس جامعة الأزهر الأسبق، وله كل الاحترام، أن يزج بالمنبر العالى فى أتون الخلاف المشتعل حول مواقف وخواطر طيب الذكر، الشيخ محمد متولى الشعراوى، وأن يركب المنبر العالى، فيُنزله من منزلته العالية أرضًا جدلية، زلِقة، مُبلَّلة بمياه صرف لا تغسل وجوهًا.

الشيخ متولي الشعراوي - موقع شعب مصر
فضيلة الشيخ متولي الشعراوي

ترفيع المنبر الأزهرى عن هوامش الأمور من آداب هذا المنبر، الذى يحمل تاريخًا وطنيًّا زاخرًا بالخطب المنبرية التى شكلت وجدان الشعب المصرى، وظل منبرًا ساطعًا فى حشد العاطفة الدينية فى سياقات وطنية، خطبه تجمع لا تُفرق، تذهب إلى المُجمَع عليه، وتُنحِّى المختلَف عليه.

عاطفة الهدهد تخصه شخصيًّا، ودفاعه عن الشيخ الشعراوى من فضله وعلى صفحته الشخصية، ولكن على المنبر الأمر جد مختلف، المنبر للكافة، للقضايا الدينية والوطنية المُجمَع عليها، والخطب المنبرية على هذا المنبر العالى مستوجب تنزيهها عن الخلافات السارية، خلافات الفضاء الإلكترونى ليس محلها المنبر العالى، والرد على المختلفين فى صحفهم وبرامجهم وصفحاتهم، المنبر لما هو أسمى وأعلى وأجَلّ.

يقول الدكتور الهدهد: «رفعة الله للعلماء من خلقه كانت مثار أحقاد وأحساد وتطاول ذوى الجهل ومدعى العلم على مدار الأزمان، فلا نتعجب هذه الأيام من هجوم بعض الجهلة على العلماء الربانيين، ومنهم إمام الدعاة، الشيخ محمد متولى الشعراوى، رحمه الله..».

ليس حقدًا يا دكتور، وليسوا جهلة، ولكنها مراجعات ضرورية لتاريخنا الدعوى، وإن اشْتَطَّ البعض وانحرف، يرد إلى سواء السبيل، بالحسنى، والقرآن الكريم يوصينا جميعًا: «ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ» (النحل/ ١٢٥).

إدخال المنبر الأزهرى هكذا مدخلًا ضيقًا، لا يسع سماحته ووسطيته، لا يجوز.

هذا منبر الأمة الإسلامية، وخطب منه زعامات وقيادات روحية فى شؤون الأمة المصرية، حمل قضاياها إلى أصقاع العالم.. رسالته عالمية اتساقًا مع رسالة الأزهر الشريف.

عاتِب على استخدام المنبر فى قضايا هامشية لا تهم مستقبل الأمة، جدل وحوار طبيعى حول سيرة ومواقف وخواطر رجل قال ربى الله ثم استقام، ولم يدَّعِ عصمة، ولم يرفع خواطره إلى مقام التفسير، حاذقًا كان، الله يرحمه، وحاوَر المختلفين على أريكة فقيرة كانت محل خواطره التلفزيونية.

الشيخ الشعراوى لم يصف المختلفين بـ«الجهلة»، ولكن دعا لهم بالهداية، اتساقًا مع هدى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فلم يكن الرسول لعّانًا ولا سبَّابًا لأحد رغم المواقف الشديدة التى واجهها فى حياته بسبب بعض المعاندين والمستكبرين، ودعا لقومه: «اللهم اغفر لقومى فإنهم لا يعلمون».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى