بقلم الكاتب الصحفي / حمدي رزق
المستذئب، أسطورة تحوُّل «الرجل» إلى «ذئب» عند اكتمال القمر، يجوب الغابات بحثًا عن الضحايا ليروى غلته من الدماء، يظهر المستذئب فى العديد من قصص الخيال والرعب، وأيضا فى الأسواق الرخوة مع اكتمال دورة صعود الدولار .
طلب المهندس «مصطفى مدبولى» رئيس الوزراء من المواطنين «الإبلاغ عن التجار الجشعين، حتى يتسنى للدولة وأجهزتها مجابهة هذا الجشع وغلاء الأسعار« .
إزاء هذه النوعية من التجار المستذئبين الذين يمصون دماء المستهلكين ويحتكرون الأقوات فى الأسواق لن تجدى هذه الدعوات الحكومية الطيبة.. المواطن المغلوب على أمره فى حالة إذعان، الحلقة الضعيفة فى السوق المتوحشة.
كفاءة الحكومة فى توفير السلع الأساسية، وتخصيص (١٣٠ مليار جنيه) احتياطيات فى الموازنة العامة للدولة فى سبيل تحمل العبء وتخفيفه عن كاهل المواطنين يستحلها المستذئبون «دماء حارة، الفجار جمع فاجر يضاربون فى الأسعار»، والحجة جاهزة (الدولار)، سعر السلعة مضروب فى اثنين أو ثلاثة بدم بارد، ولا ضمير ولا مراعاة لظروف الناس الطيبة.
لقد أسمعت لو ناديت حيًّا.. ولكن لا حياة لمن تنادى أخشى تصريحات مدبولى لن تجد آذانًا من هؤلاء الفجار.
المستذئبون نهمون لا يشبعون من مص دم الغلابة، ومهما ناديت عليهم وخاطبتهم بعقل اقتصادى رشيد محذرًا من مغبة غلاء الأسعار، لا حياة لمن تنادى، استمرأوا الكسب الحرام.
السوق تحتاج إلى يد قوية تنفذ تسعيرة أقلها «استرشادية»، تقرأ السوق جيدا، وتحدد الأسعار يوميا، لن نتزيد بطلب «تسعيرة إجبارية» لأعراضها الجانبية المضرة بتوافر السلع، أقله توفير المعلومات السعرية للمواطن حتى يقارن ويشترى أو يبلغ الحكومة عبر خطها الساخن لإعمال الضبطية القضائية.
مستوجب تدخل حكومى عاجل لإطفاء حريق الأسعار، وبالسوابق الحكومة قادرة على لجم الأسواق.. وكما استطاعت قبلا السيطرة على تفلت بعض أسعار السلع الغذائية بتحديد أسعارها استرشاديا، مستوجب تدخل مماثل يكبح جماح التجار فى فترة صعود الدولار.
لا أشق على حكومة المهندس مدبولى، ولكن الشكوى مسموعة، والناس متعبة، وتكاليف المعيشة تتضاعف، والمتوسط العام لارتفاعات السلع الغذائية بلغ حسب أغلب التقديرات نحو ٥٠ فى المائة، والسلع تعكس على بعضها زيادة، وهذا يكلف موازنة المواطن البسيط الكثير، ولا يقدر عليه.
لا مزايدة على الحكومة.. ولكن من أرضية وطنية خالصة مستوجب على المهندس مدبولى (ليس تدخلا عنيفا).. ولكن البحث عن حلول واقعية عملية لإطفاء حريق الأسعار عبر حوارات مع غرف التجارة والاستيراد والمتنفذين فى الأسواق.
الحكومة قادرة على إدارة حوار جاد وموضوعى، وتملك فى جعبتها آليات الضبط والربط وقت اللزوم، أخشى الـ ١٣٠ مليارا هيشفطها التجار فى غضون شهور، هؤلاء المستذئبون جُبلوا على مص الدماء.
صحيح هناك أسباب عالمية لزيادة الأسعار ولكن ليس بهذا السُّعار.. ما تعتنقه الحكومة من أدبيات اقتصادية ليبرالية، وتسييد نظرية «العرض والطلب»، وحرية التداول فى الأسواق تصح فى سياقات طبيعية، ولكن فى الأزمات العالمية التى تعكس بالسالب على الأسواق المحلية لا يجوز ترك المستهلك نهبا لشهوات التجار.. عادةً، المستذئبون ينشطون فى الأزمات المجتمعية دون استشعار لخطورة المسلك الانتهازى سياسيًا.
مدبولى والذين معه لن يعدموا حلولًا واقعية، والأسعار الاسترشادية (لا نقول التسعيرة الجبرية لأنها تثير حساسية)، الاسترشادية المعلنة باتت ضرورة، وتَحرُّك مجموعات ضبط الأسواق ضرورة ملحة، مستوجب استشعار حضور الحكومة فى الأسواق، مهم يشعر التاجر أنه تحت الرقابة المشددة المستدامة، ربنا ابتلانا بتجار مستذئبين، «متوحشين»، تديهم صباعك ياكلوا دراعك، نهمين لا يشبعون!.