بقلم الكاتب الصحفي / حمدي رزق
المثل العربى ذائع الصيت «ما لا يدرك كله لا يترك جله» ينطبق على انتخابات مجلس الأمة الكويتى التى تنطلق صباح اليوم (الخميس ( .
وكما يقول شاعر العربية الكبير المتنبى «ليس كل ما يتمناه المرء يدركه» وأحد العناوين الذائعة فى هذه الانتخابات والتى تأخذ حيزاً هائلاً فى الفضاء الإلكترونى (تريند كما يصفون) عنوان «تصحيح المسار». ترجمة المصطلح الذى تلهج به صحف الكويت، نحو علاقة إيجابية بين مجلس الأمة فى تشكيلته الجديدة، والحكومة الكويتية الجديدة أيضاً برئاسة سمو الشيخ «أحمد نواف الأحمد الصباح» المعروف بحكمته، ورغبته الإصلاحية.
المهمة الأولى لسموه (وفق رغبة الديوان الأميرى)، إصلاح ذات البين بين المجلس والحكومة، ولجم التفلتات السياسية التى حكمت مراحل سابقة وانتهت باستقالة الحكومة وحل المجلس تالياً على وقع استجوابات ثقيلة الوزن لكبار الوزراء فى الحكومة السابقة.
حياد الديوان الأميرى لافت، ويؤكد عليه خطاب سمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الذى لقى آذانا صاغية، وترجمات واقعية، وخطوات تنفيذية، تترجم فى إنجاز انتخابات نزيهة.
تصحيح المسار يستهدف انتخابات تبتعد عن الفئوية والمحاصصة ولا تقع رهينة لما يسمى الانتخابات الفرعية، وتردع كل من يحاول شراء الأصوات، وأكثرها تأثيرًا تصويت الناخب لمرشح واحد، وكان الصوت الواحد يذهب سابقا إلى أربعة مرشحين، ما يخلط الانتخابات وينتج مجلسا قبليا (توصيفا)، وهذه نقلة نوعية فى ديمقراطية الكويت .
تصحيح المسار يأخذ أشكالا عدة، أبرزها توق الكويتيين لتمثيل نسوى يعالج غيبة النساء عن البرلمان منذ العام ٢٠١٦، وأخشى من الخشية السياسية، تجرى الرياح بما لا تشتهى السفن، ورغم الأجواء المتحفظة، و«وثيقة القيم» التى أثارت جدلا حول «خلط الدين بالسياسة» و«مصادرة الحريات » .
لافت بروز وجوه شابة تمثل المرأة الكويتية خير تمثيل تعليما وأعمالا ونجاحات تتحدث بها الديوانيات، ما يؤهلهن لكسر الاحتكار الذكورى لمقاعد البرلمان، إن لم تكن هذه الدورة فسيتأهلن لدورات قريبة مقبلة.
لافت التخارج الطوعى لرئيس المجلس السابق ذى الخبرات البرلمانية العريضة «مرزوق الغانم» فى بادرة شخصية لتهيئة الأجواء لدورة أكثر إيجابية، والتعويل قائم على خلفه البرلمانى المخضرم «أحمد السعدون» الأوفر حظا بحسب الاستطلاعات الشعبية..
تصحيح المسار كعنوان لن يمس التركيبة القبلية المهيمنة على المشهد الانتخابى، وفرص مروق عدد من المرشحين الإخوان إلى المجلس ماثلة، كأقلية صغيرة لكنها مؤثرة تصويتية، تتحدث بصوت واحد كدأب الإخوان فى كل البرلمانات العربية وبالسوابق يعرفون
كما أن الكتلة الشيعية (إذا جاز التوصيف فى الحالة الكويتية) حاضرة فى المشهد بعدد من المقاعد ضعف أو ثلاثة أضعاف الكتلة الإخوانية، مع فرص طيبة للمستقلين ربما تجاوز ثلث المجلس..
فسيفساء الحالة السياسية الشعبية الكويتية، ستعكس بصمتها على تشكيلة المجلس المكون من خمسين عضوا، مع الاحتراز من خطورة المال السياسى (وهو ما تحاربه الدولة ما استطاعت إليه سبيلا)، ورفع شعارات «التكويت» ومثلها شعارات عديدة للاستهلاك الانتخابى ماثلة فى الدعاية الانتخابية المحمومة، ولا تشكل مؤثرات فى تركيبة المجلس القادم التى ستكرر تشكيلات سبقت لم يكتب لها الدوام.
الآمال الكويتية معلقة بمجلس عمره أطول من سابقه فى ظل نوايا أميرية يصفونها بالطيبة والرغبة الحثيثة فى مسار سياسى أكثر رشادة، كما يقولون القصر الأميرى قدم السبت، والكرة الساخنة فى ملعب الشعب، صاحب الكلمة الفصل اليوم الخميس