بقلم الكاتب الصحفي / حمدي رزق
لن نصبر على هزيمة مُذِلّة. تمييع الهزيمة وحديث الأرض والجمهور لا يغفر هذه السقطة المُذِلّة. كل المبررات المتهافتة التى يسوقونها
لن تُزيل الغُصّة من الحلوق.
لقد طفح الكيل، وبلغ السيل الزُّبَى، ولم يبقَ فى قوس الصبر منزع.
حديث الصبر على المدير الفنى «إيهاب جلال» وإعطائه فرصة حديث مخاتل، من أناس أدمنوا الهزيمة، على قلبها، على قلب الكرة المصرية، دون إحساس بالعار الكروى. ما جرى كافٍ لهدم المنظومة الكروية من الأساس، وإعادة البناء على قواعد نظيفة وحاكمة، وتحكيم الاحترافية، وضبط السوق الكروية، وتولية مديرين أكفاء، ومدربين على أعلى مستوى، وفق تعاقدات مشروطة.
القواعد الحاكمة للمنظومة الكروية الموروثة فاسدة تمامًا، مضروبة بالعفن الأسود، منظومة معطوبة لن تذهب بنا بعيدًا، منظومة مرهونة بلوبيات كروية ضاغطة، وجماعات ضغط نافذة متنفذة، وشخوص ثبت تكرارًا ومرارًا فشلهم حتى فى إدارة دورى هو الأسوأ، والمعنى يَسيرُ مِنْ سَيِّئ إلى أَسْوَأَ، لاَ يُظْهِرُ أَىَّ تَقَدُّمٍ، بَلْ يَتَأَخَّرُ يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ، مِنَ القَبِيحِ إلى ما هُوَ أَقْبَحُ كانَ يَنْتَظِرُ ما هُوَ أَسْوَأُ.
وبالأرقام المجردة، والخروجات المتوالية من نهائيات المنافسات الكروية، وحتى هزائم التصفيات التمهيدية، تنكشف عورة الكرة المصرية التى تفاخر بتاريخ ماضوى، وهى تُضيعه فى ملاعب إفريقية كانت تتزين لاستقبال برازيل إفريقيا. ما بُنى على باطل، على غش، سينتج فوزًا مغشوشًا. إفريقيا حلّقت عالميًّا، ونحن ها هنا قاعدون، دورى النقطة أصبنا بالنقطة، الناس عزفت عن تشجيع المنتخب الوطنى، وهذه خسارة وطنية فادحة لا يفقهها سوى خبير بالروح الوطنية التى هى إكسير الحياة.
الناس بتكلم نفسها فى الشوارع، وبتضرب كف على كف، الناس محسورة من الحسرة، الناس محتاجة فرحة، ضنُّوا عليهم بها، هذه الإدارة الكروية تتاجر فى الخسارة منذ أمد، ضربت تفليسة، أفلست تمامًا، لم يعد لديها ما تقدمه سوى تبريرات موهومة لا تَخِيل على أريب، والأريب من الهزيمة يضجر.
نسمع أرقامًا وهمية، موهومة، وصراعات عبثية، ومساجلات وتسجيلات وتراشقات، وبلاغات، ومحاكمات، الكرة المصرية ليست فى الملاعب بل فى المحاكم، وآخر ما ينظرونه مستقبل الكرة وسمعة المنتخبات الوطنية.
بارونات الكرة المصرية صاروا طبقة فوق القانون، يطبقون قانونهم، قانون الغاب، وصل الأمر حتى التهديدات بالقتل، ما هذا الذى نتَتَرّى فيه؟!. وَحْل كروى. ثيابكم ملطخة بالطين، لم نرَ مثل هذا الذى يحدث من تلطيخ الثياب، وتمزيق الوجوه، وإشانة السمعة.
الكرة المصرية مصابة بجملة أمراض مزمنة ومستوطنة وسارية. كرة مريضة بالطائفية الكروية، وفى هذا حَكْى بغيض، وما تُخلفه من اعتلال صحة. المنتخب لم يعد قادرًا على الخروج بالكرة من ملعبه، ليست كبوة، ولكنها سقوط حر من أعلى، زرع بصل كما يقولون.
البناية الكروية متداعية تمامًا، تكاد تسقط فوق رؤوسنا، ولا حل سوى الإزالة، التنكيس والترميم ومدرب جديد، وروح جديدة، إيش يعمل المدرب العبقرى فى الوجه العكر.
الكساح الكروى المزمن لا يعالجه مدرب أحمال، يعالجه نطاسى، جراح بارع، جراح إنجليزى بارد الأعصاب، يستأصل الورم من الدماغ، الفساد ضرب قمة الهرم الكروى، فتهالكت الأطراف، لم تعد تقوى على مجاراة الكرة الإفريقية، التى هى طريقنا المرصوف إلى المنافسات العالمية.