شعب مصر

لبيك اللهم لبيك ..

وتطبيقاً لفقه الأولويات أتمنى على من حج قبلا أن يفسح المجال للمتشوقين لحجة، وتوجيه نفقات حجه لما فيه سد حاجات المعثربن، ويسهم في إعالة المعوزين، ولا يكلف الاقتصاد المأزوم كلفة حجة بالعملة الصعبة..

بقلم الكاتب الصحفي / حمدي رزق

يتحدث كاتبنا عن قرار وزير الأوقاف بمنع الحج علي نفقة وزارة الأوقاف من خلال المصري اليوم فكتب :

(من مقـــال طيب الذكر أحمد حســن الزيات نُشر في مجلة الرســالة، العدد ٨١ في ٢١ يناير ١٩٣٥ م ) .

أعلاه تعبير عن أشواق الطيبين لحج هذا العام بعد عامين من الجائحة التي حرمتنا من المناسك المباركة، وهذا العام طحنتنا الحرب الأوكرانية وتداعياتها الاقتصادية.

وعليه ووفقاً لفقه الأولويات، قرر وزير الأوقاف، الدكتور محمد مختار جمعة، أنه «لا حج على نفقة الأوقاف»، جد قرار محترم من قبِل وزير يفقه جيداً فقه الأولويات، وينزله منزلته الصحيحة دون مزايدة، ولا تفريط.

فقه الأولويات، المُعبر عنه شعبياً «اللى يحتاجه البيت يحرم على الجامع»، مستوجب تعميمه، وحرى برئيس الوزراء، المهندس مصطفى مدبولى، تعميم هذا القرار المعتبر على كافة وزارات ومؤسسات وهيئات الدولة المصرية.

الأزمة الاقتصادية الراهنة، بتبعاتها الثقيلة، تتطلب ترشيداً ، كما وجه الرئيس السيسى، الموازنة لا تحتمل نفقات حج وعمرة، وعلى من يتشوق يحج على نفقته، ومن جيبه الخاص، ليس من جيوب دافعى الضرائب.

تحكيم فقه الأولويات وتنزيله على أرض الواقع واقعاً معاشاً يبدأ بالحكومة، وإذا ضربت الحكومة مثلاً ، واستنت سنة حميدة، تبعها الناس، وساروا على نهجها، رب البيت في الأمثال العربية نموذج ومثال، ووزير الأوقاف بمبادرة شخصية ضرب مثلاً موفقاً وشجاعاً متسقاً مع صحيح الدين.

وزير الأوقاف، الدكتور محمد مختار جمعة

هذا على مستوى الحكومة، وعلى مستوى الشارع، أسمع في الجوار عجباً عن حج بالتقسيط، وحج بقرض، وحج على ما تفرج، وفتاوى تبيح مثل هذه الحجة التي تخلف دينًا، ولا تسوغها استطاعة، وهذا يتنافى تماما مع شرط الاستطاعة الذي هو شخصى، وينسحب على المجموع، وعلى الدولة إذا عثرت في أزمة مضاعفة (جائحة وحرب تواليا).

وزير الأوقاف يفسر قراره المعتبر بقول سديد إن من رحمة الله (عز وجل) بعباده أن جعل الحج مبنيًّا على الاستطاعة البدنية والمالية، فمن لم يستطع الحج من حُرِّ ماله فوق قوته وقوت من يعول، فلا حرج عليه على الإطلاق، لأن الله (عز وجل) يقول: «لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا».

الأمر الآخر: أن سد احتياجات المحتاجين أولى ألف مرة ومرة وأعظم أجراً وأعلى ثواباً من تكرار الحج والعمرة، فالأول واجب عينى أو كفائى، والآخر نافلة، ولا شك أن الواجب عينيًّا كان أو كفائيًّا مقدم شرعًا وفقهًا وإنسانية على سائر النوافل وقربات التطوع.

وإذا كان الإنسان يبحث عن مغفرة ما تقدم من ذنبه، فإن الأمر شديد الاتساع، فمن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه، فباب المغفرة جد فسيح.

وتطبيقاً لفقه الأولويات أتمنى على من حج قبلا أن يفسح المجال للمتشوقين لحجة، وتوجيه نفقات حجه لما فيه سد حاجات المعثربن، ويسهم في إعالة المعوزين، ولا يكلف الاقتصاد المأزوم كلفة حجة بالعملة الصعبة..

ولبيك اللهم لبيك .