لماذا قالت إبنة نزار قباني لوالدها : أنتَ أفسدت حياتي ! لأنني كلما قارنتُ رجلاً بك سقط مِن عيني.
نزار قباني هو دبلوماسي وشاعر سوري معاصر، من أسرة عربية دمشقية و جده أبو خليل القباني من رائدي المسرح العربي .
تزوج مرتين، الأولى من ابنة خاله زهراء آقبيق ورزق منها بطفلين هدباء وتوفيق ابنه الذي توفي سنة ١٩٧٣ وهو طالب في كلية الطب بجامعة القاهرة ورثاه بقصيدة “الأمير الخيالي توفيق قباني”، وزوجته الثانية هي السيدة بلقيس الراوي وأنجب منها عمر وزينب، وتوفيت سنة ١٩٨٢ إثر تفجير انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت أثناء الحرب الأهلية اللبنانية.
انتقل بعدها إلى لندن حيث عاش بها أكثر من خمسة عشر عاما حتى توفي سنة ١٩٩٨ إثر إصابته بنوبة قلبية حادة، وكان قد أوصى قبل موته أن يدفن جسده في دمشق حيث ولد، والتي وصفها في وصيته بـ “الرحم الذي علمني الشعر، الذي علمني الإبداع والذي علمني أبجدية الياسمين”.
و هدباء التي قالت لوالدها أنتَ أفسدت حياتي ! لأنني كلما قارنتُ رجلاً بك سقط مِن عيني و كم أشعر بالفخر لأن أبي هو نزار قباني، الشاعر الذي نقل الحب من الأقبية السرية إلى الهواء الطلق كانت قد توفيت في أحد مستشفيات العاصمة البريطانية لندن إثر نوبة قلبية عن عمر ناهز ٥٤ عاماً و كانت وقد رافقت هدباء والدها في عامه الأخير بلندن وكانت من أشد المنتقدين للمسلسل التلفزيوني الذي تناول حياته وعرض منذ سنوات ورأت في حينها أن العمل شوه صورة والدها الراحل عندما جعل منه زير نساء متجاهلاً الجوانب المهمة من حياته وخاصة السنوات الأخيرة التي كانت أغنى فترات حياته في شعره السياسي.
ومن تصريحاتها عن والدها : قبل أن يكون أبي كان صديقي، ومنه تعلمت أن أحكي بينما هو يستمع ، رغم ندرة استماع الرجل إلى المرأة في مجتمعنا. زان أبي مراهقتي وشبابي بشعره، لكنه – في المقابل وبصفاء نية – أفسد حياتي بشعره وبتعامله معي ؛ فقد جعلني أقارن بينه وبين الرجال الذين ألقاهم ، وأتت المقارنة دائما لصالح أبي ، ورأيت أغلب الرجال طغاة.
وتابعت هدباء حديثها الشيق عن والدها :
كان جاري في لندن ، لكنه لم يزرني قط دون موعد مسبق. وفي نادرة ، دق بابي دون موعد ، وعندما وجد لدي صديقات اعتذر ، واستدار عائداً مؤجلاً زيارته لمرة أخرى ، ولم يسبقه سوى صراخ الصديقات بأن يبقى.
قد يكون أهم ما أذكره عن أبي ، هو ذلك التشابه المذهل بينه وبين شعره ؛ فهو لا يلعب دورا على ورق الكتابة ، ودورا آخر على مسرح الحياة. ولا يضع ملابس العاشق حين يكتب قصائده، ثم يخلعها عند عودته إلى البيت.
و كانت هدباء مرتبطة بوالدها عاطفياً و سردت بعض ذكريات حيث كانت جدتها تدلـله باسم ” نزوري ” حين كان طفلاً تائهاً بين أحواض الورد والخبيزة وبين عريشة الياسمين وأشجار الليمون والسفرجل ونافورة المياه الزرقاء في بيت أبويه بدمشق القديمة، وهائماً مع أسراب الحمام والسنونو وقطط البيت. وعندما بلغ سن العاشرة ، لم يترك ” نزار ” صنعة فن لم يجربها : من الرسم إلى الخط العربي ، إلى الموسيقى، إلى أن رسا به الحال وهو في السادسة عشرة على بحور الشعر.