شعب مصر

هوّ جرى إيه ؟!

الحكومة بُحَّ صوتها، المخزون الاستراتيجى آمن تماماً ، والمواد الغذائية متوفرة، ولا حاجة إلى التخزين، ولسنا فى حالة حرب، الحرب هناك فى أوكرانيا، والعقود الاستيرادية الآجلة لم يَحِن موعدها، والصوامع مليانة قمح، والمزارع تشغى بالخير، ولكن تجار الأورنص نهِمون للكسب الحرام

بقلم الكاتب الصحفي / حمدي رزق

الكاتب الصحفي / حمدي رزق

فرصة وسنحت، لتجار الأورنص، برزوا إذ فجأة، على فجيعة الحرب الأوكرانية التى لم تكمل عشرة أيام حزينة، برزوا بأنيابهم الصفراء ينهشون فى جسد المصريين، المكويين أصلًا من الغلاء .

الرغيف زاد سعره «ربع ونصف جنيه»، البيض ثلاثة أو خمسة جنيهات، الزيت، السكر، وهكذا دواليك دون شفقة ولا رحمة.

لا رقابة صارمة على الأسواق العشوائية التى باتت فى عهدة مجموعة من الانكشارية الاحتكارية، دون حسيب ولا رقيب.

ويشب فى الأسعار حريق متعمَّد لإحراج الحكومة سياسياً فى مواجهة الشعب ، الزيادات العشوائية المجحفة باتت حديث الشارع المصرى، كل تاجر، بل كل بقال، يرفع الأسعار من تلقاء نفسه، وإذا سألته يتمحّك فى الحرب، وكأن الحرب تحت بيت سيادته، وكأن السفن تعطلت، والرحلات الجوية علقت، والمخزون الاستراتيجى شارف على النفاد!!

تخيّل كيلو اللحمة بـ١٨٠ جنيهاً ، حاجة تجن الجن وتعفرت العفريت. الحكومة بُحَّ صوتها، المخزون الاستراتيجى آمن تماماً ، والمواد الغذائية متوفرة، ولا حاجة إلى التخزين، ولسنا فى حالة حرب، الحرب هناك فى أوكرانيا، والعقود الاستيرادية الآجلة لم يَحِن موعدها، والصوامع مليانة قمح، والمزارع تشغى بالخير، ولكن تجار الأورنص نهِمون للكسب الحرام.

لم يتغير بعد سعر توريد الغذاء، والمخزون لايزال يفيض على الرفوف، ولكنهم سرعان ما سنّوا السكاكين لتقطيع اللحم الحى، اتكاء على سياسة العرض والطلب، وحرية التجارة، وهذه حتى تُقيد فى زمن الحرب.

ربنا رزقنا باحتكارات مجرمة، لا ترعوى لضمير وطنى، يُسلعون كل ما تقع عليه أيديهم، ولا يشبعون أبداً من التجارة فى البشر، امتلأت كروشهم فى زمن الجائحة، عامان من الكسب الحرام، وقبل أن يحصوا أرباحهم المليارية، تسنح فرصة الحرب الأوكرانية، تهبط عليهم ثروة مصادفة، وبدلًا من الحمد والشكر، والقناعة بهوامش الربح المريحة، يسارعون إلى زيادة الأسعار، دون شفقة ولا رحمة، وكأنهم أعداء الشعب الغلبان.

الأسعار ترتفع بالعدوى، وخلايا الإخوان النائمة فى الدغل شغالة زن، العيش، اللحمة، اللبن، البيض، يبللون الأرض بالبنزين الحارق لإشعال حريق الأسعار، واللى معرفش يعرف، واللى مشفش يشوف، وهكذا تنتشر زيادات الأسعار دون سبب حقيقى.

لايزال عيش الحكومة عشرين رغيفاً بجنيه، ورغيف تجار العيش بجنيه ونص، لحمة الجمعية بـ٨٠ جنيهاً ، ولحمة تجار الأورنص بـ١٨٠ جنيهاً ، هذا على سبيل المثال لا الحصر، ولنتبين ماذا يفعل بنا هؤلاء الاحتكاريون!

مع كل الاحترام لمنهج الحكومة فى تسييد نظرية العرض والطلب، وحرية الأسواق، ولكن فى زمن الحرب يستوجب الأمر الضرب بيد من حديد على الاحتكارات السلعية، من المنبع، من المصنع، ورقابة الأسواق.

ما يجرى جريمة منظمة من كارتلات تسمى «أثرياء الحرب»، وهؤلاء يعمدون إلى إرباك الأسواق، وإشعال الأسعار، ليجنوا مليارات طائلة، تخيّل الحرب بقت لبانة فى بق البقال تحت البيت، وفى الغيط، وفى السرفيس، والحكومة على قول واحد، لا زيادة فى الأسعار، ووزير التموين الدكتور على المصيلحى طالع ليل نهار على القنوات، المخزون الاستراتيجى آمن لستة شهور، مخافة التكالب ما يؤدى إلى اشتعال الأسعار، مستوجب تحرك عاجل لوقف الاحتكارات باكراً وبحزم عند حدها قبل اشتعال حريق الأسعار فى ثياب الناس !.