مقالات صحفية

رزق يكتب : عظمة على عظمة يا ست

منحتنا إكسير الحياة، أم كلثوم لم تغنِّ فحسب بل كانت تلون الحياة، بطعم الحب لذة للسامعين..

بقلم الكاتب الصحفي / حمدي رزق

في مقال يشدو فيه رزق عبر المدار عن كوكب الشرق و قيثارة الغناء إبنة طماي الزهايرة بالدقهلية السيدة فاطمة ابراهيم البلتاجى الشهيرة بأم كلثوم و الست ” و ست الكل و ثومه فكتب :

الأقباط متحدون - «هِىَ لله هِىَ لله»!!
الكاتب الصحفي / حمدي رزق

ما جال في خاطري أنّي سأرثيها
بعد الذي صُغتُ من أشجى أغانيها
قد كنتُ أسمعها تشدو فتُطربني
واليومَ أسمعني أبكي وأبكيها
صحبتُها من ضحى عمري وعشتُ لها
أدفُّ شهدَ المعاني ثمّ أهديها
سُلافةً من جنى فكري وعاطفتي
تُديرها حول أرواحٍ تُناجيها
لحناً يدبُّ إلى الأسماع يَبْهَرُها
بما حوى من جمالٍ في تغنّيها
ومنطقاً ساحراً تسري هواتفُهُ
إلى قلوب مُحبّيها فتَسبيها
وبي من الشَّجْوِ.. من تغريد ملهمتي
ما قد نسيتُ بهِ الدنيا وما فيها
وما ظننْتُ وأحلامي تُسامرني
أنّي سأسهر في ذكرى لياليها
( من رثاء “أحمد رامي” لكوكب الشرق) .
**
يحار القلب في بحار سيدة الغناء العربي وكوكب الشرق أم كلثوم، ويحار العقل في استيعاب كل هذا الإبداع المتدفق من عيون الغرام، وفي ذكراها تضاء الشموع احتفاء..
فاطمة إبراهيم السيد البلتاجي الشهيرة بأم كلثوم ولدت في ٣١ من ديسمبر ١٨٩٨ بمحافظة الدقهلية ورحلت عن عمر ناهز الـ76 عاماً. رحلت كوكب الشرق “أم كلثوم” عن عالمنا منذ ٤٧ عاماً؛ إذ وافتها المنية في ٣ من فبراير ١٩٧٥ .
لم يفلح الغياب في تغييب أعمالها الرائعة، حضور يبرز الغياب، غيابها حضور، فمازال صوتها يملأ الكون ومواقفها الإنسانية حديث الناس.
كل هذا الخلود، كل هذا الألق، كل هذا الشجن والرقي والجمال، صوت عابر للأجيال، معزوفة ممتدة تطرب وتغبط وتسعد القلوب.
في ذكرى كوكب الشرق لا تكفي الكلمات نثراً، ولاحتى الشعر المقفى في وصف سيدة الكمال الفني، من له القدرة على الإحاطة بهذه الحالة الفنية؟
يقيناً لا يستطيع إنسان أن يُلم بهذه المساحة المترامية الأطراف، والأعطاف، في وصفها تعطلت لغة الكلام، وعجزت المعاجم اللغوية عن البيان، حتى سحر البيان لا يقوى على سحرها الخاص.
سرها في خلودها، من أين لها كل هذا الخلود بعد أن وارى الثرى الجثمان، وبقي الصوت عبر الأثير يأخذنا إلى عوالم من الشجن؟ّ!.
أم كلثوم استثناء الاستثناء، وكمال الكمال، ورقم صعب المنال، تعلو، وتسمو فوق كل الأصوات، ولها في الوجدان السليم مساحة لا يضاهيها صوت مسموع في البرية.
كلما مرت السنون، ازدات ألقاً، وكأنها لاتزال حاضرة، لم تغب مطلقاً، ولا تغيب شمسها، والليالي تتحدث عنها، والكلمات تعجز عن الوصف، في وصف صوتها حار العلماء، وانتشى الشعراء، واختمرت الأحلام، وتداعت الألحان، وشقشقت العصافير على الأغصان.
حفظت كلماتها عن ظهر قلب، نقشت على جدار الوجدان، فأطربتني ملياً، ودوماً تأخذني بعيداً عن الهموم والأحزان، تسعدني وتطربني، وتؤنس وحدتي، وغربتي، وأنيسة وحشتي، ونديمة أيامي، ورفيقة سفري وتجوالي.
أم كلثوم حالة مستدامة في حياتي، ألحانها تسري في روحي، وكلماتها محببة إلى أذني، أعيشها حالة، حالة كلثومية، رقي وكبر وكبرياء، وحب ووجد واشتياق، وأماني عذاب. منحتنا إكسير الحياة، أم كلثوم لم تغنِّ فحسب بل كانت تلون الحياة، بطعم الحب لذة للسامعين..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى